مع بداية كل موسم صيف، تدخل عائلات عديدة من الشريط الحدودي لولاية الطارف، في رحلة تنقيب عن الحلزون البري البني اللون، فترى نساء وأطفالا يحملون فؤوسا وأدوات حديدية، يخيل للمرء بأنهم في رحلة البحث عن الكنز. يتواجد الحلزون في فصل الصيف على بعد 50 سنتمترا في الأعماق عن سطح الأرض، ويقضي المنقبون يوما كاملا من الصباح حتى غروب الشمس، وأحيانا ما بعد ذلك وتحت أشعة الشمس الحارقة لجمع كيلوغرام او كيلوغرامين من هذا الحلزون، من طرف كل شخص، ليتم بيعه في المساء لصالح شبكات قادمة من تونس، إذ يصطف الباعة بالعشرات في النقاط الحدودية قرب أم الطبول أو العيون الجزائرية، أو عين الدراهم التونسية ينتظرون القوافل التونسية ليشتروا منهم محصول كل يوم، ليتكرر التنقيب عن الحلزون البري وبيع المحصول من جديد في اليوم الموالي بسعر تحدد هذا الصيف ب2000 دج للكيلوغرام الواحد، حتى صار رزق الكثير من العائلات القاطنة بالشريط الحدودي لولاية الطارف والتي ترفض ان يشاركها في التنقيب أي أجنبي عن المنطقة، فنراها تتجند أكثر لجمع هذه المادة، في ظل غياب قانون ردعي يمنع التنقيب عن الحلزون البري الذي يحافظ على التوازن البيئي والذي بدأ أيضا في الانقراض، حتى صار حاله مثل مادة المرجان التي يطلبها بقوة التونسيون الذين يعرضون أثمانا خيالية مقابل هذه الثروات الباطنية التي تحول إلى شبكات أخرى في إيطاليا. كما أنه عند حجز كميات الحلزون البري من طرف قوات حرس الحدود، أو فرق الدرك الوطني، أو الشرطة تحرر ضد هؤلاء المهربين غرامات مالية ويتم تسليم البضاعة المحجوزة إلى مصالح الغابات لتقوم هي الأخرى بإعادة زرعه من جديد في موسم الحرث، بينما لا تقوم الجمعيات البيئية التي تنادي بحماية البيئة، بأي دور وهي تشاهد الحلزون البري الذي يهرب إلى تونس ومنها إلى ايطاليا مطلوب بكثرة في المطاعم الأوروبية إضافة إلى فوائده الصحية في علاج كثير من الأمراض، كضيق التنفس وهشاشة العظام وفقر الدم، وقد وجدنا صعوبة في إقناع هذه العائلات التي تسترزق من صيد الحلزون البري لأجل الحديث عن مغامراتهم، لأنهم يرون انفسهم يمارسون مهنة مؤقتة وممنوعة، بينما قال تلميذ من القالة في الثانية عشرة من عمره بأن الحلزون البري هو ما يمكنه من توفير لوازم الدراسة له ولإخوته الأربعة، وأكد التلميذ نجيب.ب، بأنه لاحظ في هذا الصيف، نقصا فادحا للحلزون البري في المنطقة الحدودية مقارنة بالأربع سنوات السابقة، التي كان يجمع فيها هذا الكائن، إلى درجة أنه صار يجمع كيلوغراما واحدا كل أسبوع، وكان قبلها يجمع كيلوغرامين في اليوم,