ملف التدوير اطلقه بلخادم المنصب انتزع مرة واحدة من مصر سنة 1979م بسبب توقيعها معاهدة كامب ديفيد برز مطلب تدور منصب الأمين العام للجامعة العربية سنة 2005م قبيل القمة 17 لجامعة الدول العربية التي التأمت في مارس 2005م، حينها كان عبد العزيز بلخادم وزيرا للشؤون الخارجية، وقد ارتبط مطلب التدوير باسمه... حيث استبق القمة بالعديد من التصريحات يؤكد فيها أن الوقت قد حان لطرح قضية تدوير منصب الأمين العام على أشغال القمة، وهي التصريحات التي أثارت غضب المصريين ودخلوا في اتصالات ماراطونية تمكنوا بفضلها من وأد المطلب، وكان الإعلان عن ذلك في قمة صحفية مشتركة بين بلخادم وعمرو موسى قبيل انطلاق أشغال القمة. الموقف الجزائري الداعي إلى إعادة النظر في التقليد الجاري على مستوى هرم الجامعة العربية والذي لا يتماشى مع التشريعات المنظمة للعمل العربي المشترك، ينطلق من عدة معطيات أهمها إعادة بعث الروح في هيكل الجامعة العربية، التي أصابها الوهن بسبب السيطرة المصرية على الأمانة العامة منذ تأسيس الجامعة سنة 1945م، حيث ظل الأمين العام مصريا، إلى غاية سنة 1979م، حين انتزعت الأمانة العامة من مصر، وتم تحويل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، وكلف يومها التونسي الشاذلي القليبي الذي استمرت عهدته إلى غاية سنة 1990م، حين استرجعت مصر الأمانة العامة في ظروف شهدت انقساما كبيرا في الجسم العربي بسبب اجتياح العراق للكويت، ومنذ ذلك التاريخ سقطت الجامعة أسيرة في أيدي المصريين الذين دخلوا بها متاهات أخرى في إطار سياسة التطبيع والمهادنة. ولأن مكانة الجزائر تعززت عربيا ودوليا، وتبلورت مواقفها الدولية ضمن محور الممانعة والرفض لمسار التطبيع، كان لا بد من التحرك لإحداث توازن على هرم الجامعة وتحريرها من الهيمنة المصرية، خصوصا وأن الجزائر من الدول القلائل التي تفي بالتزاماتها المالية سواء بالنسبة لاشتراكها السنوي بالجامعة، أو بالتزامها المالية تجاه القضية الفلسطينية. أما اليوم وقبيل أيام من انعقاد القمة العربية بسرت الليبية، فقر صار المطلب أكثر إلحاحا، بل إن عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، أكد قبل أيام أن تدوير المنصب مطلب منطقي، وهي تصريحات حركت المياه الراكدة من جديد، حيث دخل المصريون مرة أخرى حربا استباقية، بدأها أبو الغيط حين قال إن الأمين العام للجامعة سيبقى مصريا، فيما أكد عمرو موسى أن القضية غير مطروحة أمام قمة سرت. ومقابل هذا الإصرار المصري، بدأت ملامح تكتل عربي يتشكل من دول الممانعة يدفع نحو طرح مطلب التدوير، وهو محور تقوده كل من الجزائر وقطر، الأولى باعتبارها صاحبة المطلب تاريخيا، والثانية باعتبارها دولة أكدت وجودها عربيا خلال السنوات الأخيرة تمكنت من خلالها بحل العديد من النزاعات داخل البلدان العربية بدءا من الأزمة الأمنية الداخلية بين الفرقاء اللبنانيين، وانتهاء بالنزاع في دارفور حين نحجت قطر في جمع الفرقاء في وتوقيع اتفاقات تفاهم. وانطلاقا من كل ما سبق، فإن الفرصة مواتية أمام الجزائر وقطر وغيرها من دول محور الممانعة لتأكيد حضورها، من خلال تمرير مطلب التدوير، وإخراجه من كونه مطلبا جزائريا إلى مطلب عربي، وفرضه على أشغال قمة سرت، كمقدمة ضرورية لبعث الروح في العمل العربي المشترك، وإلا فالموت البطيء مصيره.