لا حرب بدون سورية وأيضا لا سلام بدون سورية.. هكذا قال هنري كيسنجر الاستراتيجي الأمريكي الشهير.. ولكن ما لم يعلمه كيسنجر وأصحابه في المؤسسة الأمريكية، أو ما لا يصرحون به: ان لا استقرار في العالم ان دخلت سورية معمعة الحرب والعنف.. فمن سورية ينطلق السلام العالمي ومنها تندلع الحروب.. لان بلاد الشام هي رمز التتويج بالعز والمجد فلا مجد لمن لا ينال السيطرة عليها وفيها كانت جولات رسالات السماء وخطوات الأنبياء فكل ذرة تراب فيها سجل لتاريخ حافل بالقداسة والحروب.. وخصها النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم بالدعوات الطيبات أن تكون معقل الإيمان والكرم والبركة. من هنا لم يكن لذي عقل أن يتخيل ان تمضي الحروب سهلة إذا استهدفت سورية وبلاد الشام عموما.. فهي المطاحنة المستميتة بين أصحاب الأرض الطيبين والمرابطين بحكم القرار الإلهي وأولئك شذاذ الآفاق المستجلبين مرتزقة يقتلون ويدمرون ويخربون.. انها معركة تطول ليميز الله الخبيث من الطيب ولكي يبتلي الجميع بمحنة الوفاء للعهود وللشرف والكرامة.. ولكي يقيم الحجة على الأشرار الذين لا هم لهم إلا التخريب من اجل مصالحهم الشريرة وجشعهم الاستعماري العنصري.. انها حلب ولا أجمل ولا أحلى ولا أبهى مدينة الحضارة والإنسان والإرادة الفذة في صياغة الحياة كما نبغي ان تكون وفيها تتجلى مهمة الإنسان المزود بالعلم والتفاني في الإتقان.. حلب في ليل دامس منذ أراد تجار الحروب ومرتزقة البنادق ان يلفوها بالأكفان الكريهة.. فجاسوا خلال هوائها وبين مسارب دروبها يبثون السموم والأحقاد والدمار يرفعون لحروبهم رايات عديدة ولكنها تلتقي في التخريب والتدمير. في حلب اليوم يستمر التصارع على كل بناية وكل شارع وكل حي وكل جهة.. فنكتشف ان هذه المدينة العصية تستفزنا جميعا وتحاكم ضمائرنا جميعا وتلقي علينا الأسئلة الثقيلة فيما هي برموشها تقاوم الفناء وبقلبها النابض تصر على الحياة.. وتقول للجميع ان ثمن حلب أغلى مما يتوقع أي احد.. ولكن الشمس الواقفة خلف ركام الخراب والدمار لن تتأخر كثيرا رغم تلبد السماء ورغم الدروب السرية التي تمد القتلة بكل أنواع الدمار. ما أطول ليل حلب.. أهلها الطيبون أين هم بعد رغد العيش؟ وشعبها الكريم الوادع والعزيز أين هو اليوم؟ ما أطول ليل حلب وما أقساه.. قنابل وصواريخ ودم ودخان.. لكنها الساعات الأخيرة للموت وساعات الليل الدامس الأخيرة.. إنها ساعات ما قبل الفجر ليس على حلب وحدها ولكن بسبب حلب وحدها.. إنها ساعات ما قبل الفجر على كل بلاد الشام بسبب صمود حلب وعدم فقدانها اليقين بالانتصار على المجرمين مرتزقة الحروب.. إنها ساعة ما قبل الفجر للعرب والمسلمين والأحرار ترد كيد الاستعماريين وتقول للإدارة الأمريكية والفرنسية والغرب الاستعماري جملة ان هذه المدن تمتلك من الأسرار مالا يمكن الإحاطة به.. إنها مدن الروح والحضارة والإنسان فهل يمكن إلا أن تنتصر.. تولانا الله برحمته