المذهب المالكي يبقى سيدا والقرآن على رواية ورش والرسوب مسموح مرة واحدة فقط قررت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، إخضاع الأئمة ومعلمي القرآن وأعوان المساجد، لتكوين علمي متخصص أقصاه ثلاث سنوات، بهدف رفع المستوى التكويني لهذه الفئة التي تشرف على إدارة شؤون واحدة من أكثر المؤسسات حساسية، ألا وهي مؤسسة المسجد. * ويمس القرار الجديد ثلاث رتب من القائمين على شؤون المسجد، وهي سلك الإمام المدرس، وسلك أستاذ التعليم القرآني، والسلك الذي يضم رتبة القيم ورتبة المؤذن، غير أن مدة التكوين تختلف من رتبة إلى أخرى. وسيخضع سلك الإمام المدرس، بحسب نص القرار الوزاري المؤرخ في 17 نوفمبر 2009، إلى ثلاث سنوات، ورتبة أستاذ التعليم القرآني إلى سنتين، وسنة واحدة لكل من رتبة القيم ورتبة المؤذن. * ويفرض القرار الوزاري على المترشحين للتكوين المتخصص، اجتياز اختبار يستفيد من خلاله الناجحون من دروس نظرية ومحاضرات منهجية وملتقيات وتربصات تطبيقية، على مستوى المساجد والمدارس القرآنية، تختتم بامتحانات دورية في الجانب النظري والتطبيقي، تقوم على مبدإ المراقبة البيداغوجية ومتابعة درجة استيعاب محتوى الدروس. * ويستوجب الانتقال إلى السنة الأعلى، حصول المتربص على معدل يجب ألا يقل عن عشرة من عشرين، علما أن الراسبين لا يسمح لهم بإعادة السنة أكثر من مرة واحدة. * ويخضع المتربص إلى تكوين أسبوعي وفق حجم ساعي لا يقل عن 33 ساعة، في مقدمتها مواد تتعلق بالعقيدة والفقه وعلوم القرآن والتجويد والسيرة النبوية الشريفة، وأصول الفقه وعلوم الحديث والتفسير والأدب العربي وقواعد اللغة العربية والبلاغة والتاريخ والخطابة والحديث والاعلام الآلي، إضافة إلى علم القراءات وأصول القراءات والتجويد على رواية ورش، وعلم الرسم العثماني، ومقاصد الشريعة، والمدرسة المالكية وأعلامها (يعني المذهب المالكي). * وبالإضافة إلى المواد السالف ذكرها، يستفيد المتكونون على مستوى رتبة أستاذ التعليم القرآني، والقيم والمؤذن، في مواد أخرى، مثل مادة الإعلام الآلي، في محاولة من طرف الوزارة الوصية لإدخال هذا النوع من التكنولوجية لمؤسسة المسجد، التي بدأ دورها يتعاظم من يوم لآخر في ظل التحديات التي تواجه المجتمع، وكذا قدرة هذه المؤسسة على الحشد والتوجيه. * ويبرز من بين الجوانب التي تريد وزارة غلام الله، إعطاءها أهمية بالغة، تلك المتعلقة بالخصوصية الدينية لمنطقة شمال إفريقيا، أو ما يعرف في الأدبيات الإسلامية ب "المغرب الإسلامي"، بحيث أفردت أهمية خاصة لرواية الإمام "ورش"، في تلاوة القرآن، وهي الرواية التي اشتهر بها قراء شمال إفريقيا، إضافة إلى المذهب المالكي وأعلامه، وهو المذهب الذي اشتهر به سكان الجزائر منذ قرون. * وتهدف وزارة الشؤون الدينية من وراء إخضاع المدة التكوينية الخاصة بمؤطري المساجد، لخصوصيات منطقة شمال إفريقيا، إلى تفادي حدوث قلاقل داخل بيوت الله، وهي الدروس التي تم استخلاصها خلال العشرية السوداء، التي عاشت خلالها المساجد، على وقع صراعات بخلفيات مذهبية، بحيث حاولت جهات متطرفة، فرض مذاهب غريبة عن الجزائر وعن تقاليدها الدينية، بديلا عن المذهب المالكي، وقراءات أخرى خلفا لرواية الإمام ورش، التي تبقى القراءة الرسمية في الجزائر وفي غيرها من بلدان المغرب العربي.