"صافا"؟ هي عادة الجزائريين في تحية بعضهم بعض في شكل سؤال عن الصحة والأحوال، رغم أن المدلول من السؤال والدليل من الجواب لا يعني دائما أن "الحالة جيدة" وأن الأمور بخير! فنحن نقول "صافا" لكي نقول "صافا با"! وكأنها عادة صارت فينا أن نبوح بالخير رغم أن الأمر ليس كذلك! قد يبدو في ذلك غرابة وتناقض ومفارقة، لكن من يعرف الجزائريين وكيفية تعبيرهم بلغتهم المحلية، يفهم أن الأمور عندنا تمشي بالمقلوب! بل إننا أحيانا نقلب المقلوب لكي يصير المقلوب في وضعيته المقلوبة هو الوضع الصحيح! لماذا؟ لأن الأمور عندنا مقلوبة رأسا على عقب! ربما هذا ما دفع بماركس أن يعكس جدلية هيغل عندما قال: "العالم عند هيغل كان يمشي على رأسه وقد صار معي يمشي على قدميه"! هذا كان رأي ماركس، لكن الواقع يكذب ذلك، فقد كان هيغل على حق وكان عالمه يمشي على رجلين، فيما جعل ماركس العالم يمشي بالمقلوب عندما غلب المادة على الفكر والعقل وأنكر الروح! جدلية الجزائريين تعني الجدال، لا "الديالكتيك" الهيغيلي ولا الماركسي! الجزائري يعكس المقلوب ويقلب المعكوس! يقول لك "صافا" لكي تفهم داخليا بأنه يقول لك "صافا با" وإذا لم تفهم مقصوده كطريقة للكلام فقط، يشرح لك بالتفسير الممل بهذه الطريقة" الحمد لله صافا! ما تشكرش! راني كاره، باغي نعطيها، باغي نحرق.. هذه بلاد هذه؟ بلاد "ميكي"..! وينسى أنه قال لك "صافا" التي تعني بالفرنسية "الأمور تمشي" أي أنها حسنة مادام أنها تمشي! لأن المشكل في الركود وعدم التحرك الذي يعني الموت! لكن، مادامت الأمور تمشي وتسير، فالأمور بخير! عندنا نحن، لا تعني ذلك: إنها تمشي، يعني أنها متوقفة عن المشي! يعني أنها في حالة موت! فالجزائري يقول لك عن شيء معين بنقيض ذلك الشيء! ألا نقول مثلا: الفيروج الأحمر؟ والفيروج الأخضر! (هل رأيتم ضوء أحضر بلون أحمر؟) والجزائري يقول لك: "أقعد واقف"! ويقصد بها أن تبقى واقفا! لكن الوقوف عكس القعود، فكيف يبقى الإنسان واقفا وهو قاعد؟ أولا يقول مراقب الحافلة الجزائري للركاب مثلا: "أفانسي للتالي"!؟ بمعنى "تقدموا للخلف"! وهل نتقدم للخلف؟ كيف ذلك أي أن تعطي ظهرك للوراء وتتقدم للأمام!.. وهذا حال "صافا" عندنا! المهم؟ واش أحوالكم صافا؟