عقوبات بالسجن النافذ ما بين 2 و4 سنوات ضد المدير وأعضاء منتخبين ومقاولين أدانت محكمة الجنح لدائرة عين تادلس أمس مدير مؤسسة محاجر الغرب بأربع سنوات سجنا نافذا بتهمة "تبديد أموال عمومية وإبرام صفقات غير مطابقة للقانون"، في حين تراوحت باقي الأحكام الصادرة عن ذات الهيئة في حق المتهمين ما بين 2 و3 سنوات سجنا نافذا بينهم أعضاء من المجلس الشعبي البلدي لبلدية سيدي لخضر، مارسوا صلاحيات أعضاء مجلس الإدارة والمراقبة خلال العهدة الانتخابية السابقة إلى جانب مقاولين وممونين في عدة نشاطات تجارية، حيث تكبدت المؤسسة بفعل "سوء التسيير والتلاعب بالمال العام" عشرات الملايير من الخسائر. * تناولت محكمة عين تادلس خلال جلسات ماراطونية استغرقت 4 أيام كاملة، ملف محاجر الغرب الذي سبق للشروق اليومي أن انفردت بنشر تفاصيل الفضيحة المرتبطة به والتي كبدت خزينة المؤسسة عشرات الملايير بفعل سوء التسيير والتلاعب في مجال إبرام الصفقات، خاصة ما اتصل بكراء عتاد الأشغال العمومية التي يتم استغلالها في استخراج الرمال على مستوى أهم المواقع التي تقع تحت مسؤولية وإدارة المؤسسة فضلا عن إهدار حوالي 2 مليار سنتيم في مجال دعم النادي الرياضي لبلدية سيدي لخضر والتكفل بتسديد نفقات التظاهرات الثقافية والعمليات التضامنية الخيرية دون مراعاة القواعد القانونية في إدارة مثل هذه العمليات التي استهلكت مئات الملايين على مدار السنوات الممتدة بين 2002 و2007. * وفي هذا الصدد، تم الاستماع عند انطلاق التحقيق لحوالي 54 شخصا بين متهمين وشهود بينهم 13 متهما يمثلون عضوية مجلس الرقابة والمتابعة و2 من المقاولين اللذين لا تتوفر فيهما أدنى شروط الفوز بأي اتفاقية أو مناقصة أبرزهم المدعو "ع.ع" الذي مكنته معرفته المقربة من المسير المدعو "م.م" من الاستفادة بصفقات في مجال كراء آلات الشحن ورفع الرمال قدرتها الخبرة القضائية بأزيد من 20 مليار سنتيم رغم أن هذا الشخص لا تتوفر لديه الصفة القانونية في الفوز بمثل هذه الصفقات، حيث توصل تحقيق الضبطية القضائية إلى تحديد طريقة الاحتيال من خلال جرد ممتلكات هذا المقاول الوهمي لدى مكتب التنقل بولاية مستغانم، أين اتضح أنه لا يملك أي وسيلة من آلات الشحن أو الرفع أو حظيرة للنقل، بينما كان يقوم بكراء هذه الآلات لدى الخواص ليعيد استئجارها لمؤسسة محاجر الغرب بتواطؤ مباشر من المسؤول الأول، الأمر الذي مكنه من الحصول على أموال باهظة بموجب اتفاقيات غير قانونية. فقد تواترت الحصص المالية لديه لتصل في أقل من 3 سنوات إلى حوالي 20 مليار سنتيم ناهيك عن امتيازات أخرى حققها على حساب المؤسسة من خلال الظفر بعدة مشاريع لإنجاز مسالك تؤدي إلى مختلف المرامل التابعة للمؤسسة استفاد بموجبها بنحو 1.5 مليار. هذا وتضم قائمة المقاولين الذين تداولوا على نهب أموال الرمال التابعة للمؤسسة المدعو "ب.م ع ف" الذي استفاد بدوره من اتفاقيات بتاريخ 29/11 2004 تمنح له حق كراء آلات الشحن خلال سنتي 2005/2006 بمبلغ 35 ألف دينار شهريا، حيث عجزت الخبرة القضائية عن تحديد حجم الأموال التي استفاد منها هذا المقاول في ظل غياب سجلات جرد ساعات العمل على مستوى مقالع الرمال للإفلات من الرقابة. كما استفاد نفس الشخص بموجب اتفاقية أبرمها مع المتهم "م.م" بصفته مسير المؤسسة من صفقة احتكار استغلال الرمال بمنطقة خروبة وسيدي المجدوب والجامعة بمبلغ 250 دينار للمتر المكعب، في حين أن السعر المتداول في السوق والمقدر بنحو 300 دينار، حيث قدرت الخبرة المالية قيمة الخسارة التي تكبدتها المؤسسة جراء هذه الصفقة بنحو 180 مليون سنتيم. إلى ذلك وقف التحقيق القضائي بالتفصيل عند أهم مناطق الظل التي ميزت ملف تسيير مؤسسة محاجر الغرب انطلاقا من عملية تحويل الصفة القانونية للمؤسسة كونها تابعة لبلدية سيدي لخضر يجيز للبلدية تعيين متصرف إداري وفق القانون الأساسي إلى مؤسسة ذات طابع تجاري وصناعي يمارس أعضاء المجلس الشعبي البلدي للعهدة الانتخابية السابقة مهمة أعضاء مجلس الرقابة والمتابعة تحت إدارة مدير يتمتع باستقلالية واسعة في إبرام الاتفاقيات تارة والعبث بأموال المؤسسة تارة أخرى، خاصة في مجال كراء آلات الشحن والرفع، فقد شكلت سنة 2003 أهم محطة في مجال التلاعب بعقد الصفقات وإبرام الاتفاقيات بموجب مداولات أعضاء المجلس الشعبي البلدي، حيث سجل في هذه الفترة التوقيع على مداولة مؤرخة في 06/10/2003 تم على أساسها شراء سيارة من نوع بوجو اكسريس وسيارة إسعاف وجرار مجهز بصهريج ونقالة دون اللجوء إلى إعلان العروض لدى الوكلاء. كما تم خلال نفس الفترة بموجب نفس المداولة استئجار عتاد البلدية المتمثل في آلة شحن بمبلغ جزافي قدره 30 مليون سنتيم شهريا وشاحنة مجهزة بصهريج بمبلغ 15 مليون شهريا وشاحنة لنقل الرمال ب15 مليون شهريا. ورغم هذا الكم الكبير من العتاد المسخر، فقد تم تسجيل اقتناء عتاد آخر بأكثر من 5 ملايير سنتيم من الوكيل المعتمد كوماتسيو دون المرور على قانون إبرام الصفقات مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول ماهية هذه الصفقات في ظرف وجيز إن لم تكن الغاية خلق فرص لنهب أموال المؤسسة تحت غطاء الحاجة إلى العتاد. * كما قاد التحقيق القضائي إلى رفع اللبس عن بعض مناطق الظل في استغلال الرمال التي تعرف باسم المكامن الاستثنائية، حيث ثبت أن هده المواقع لم تكن خاضعة لأية رقابة مما جعلها عرضة للاستغلال العشوائي تذهب مداخيلها لوجهة غير معلومة تحت غطاء منح فرص استغلال رمال البناء لمشاريع البلديات والجمعيات الدينية. هذا وقد حدد التحقيق القضائي تجاوزات خطيرة في مجال التهرب الضريبي بالنسبة لزبائن المؤسسة من مقاولات البناء التي كانت تستغل الرمال دون أن يوفر أصحابها ملفات إدارية لدى إدارة المؤسسة وهذا بشهادة أمينة صندوق محاجر الغرب، حيث كانت العملية تتم من خلال توفير وصولات استغلال الرمال لهذه الفئة على مستوى مواقع استخراج الرمال بهدف تسهيل مهمة تنقل الشاحنات خوفا من الحواجز الأمنية. في السياق ذاته، علم إن المتهم "م.م" وفر مئات الوصولات غير مرقمة وغير خاضعة للجرد ضمن دفاتر المحاسبة المتوفرة على مستوى إدارة المؤسسة. فمثل هذه الممارسات مكنت أحد المحظوظين من استغلال أزيد عن 6 آلاف متر مربع من رمال البناء في عز الأزمة التي شهدها قطاع البناء. هذا وتوصل التحقيق القضائي إلى تورط شقيق أحد أعضاء المجلس الشعبي البلدي في احتكار صفقة تزويد المؤسسة بالخشب والقصب المصنع لمدة سنوات دون أن يتوفر على السجل التجاري، حيث تراوح حجم الأموال التي استفاد منها بموجب اتفاقية بتاريخ 02/12/06 ما بين 600 و700 مليون.