أخذت قضية الغش في المواد الاستهلاكية بمنطقة الهضاب العليا وخاصة في سطيف وبرج بوعريريج اللتين تعتبران عاصمتين تجاريتين كبيرتين أبعادا خطيرة، مست مختلف المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع، مع استعمال تقنيات حديثة لا يمكن أن يتفطن لها المستهلك الذي أضحى مستهدفا من طرف عصابات مختصة، لا تعير أي اهتمام لحياة الناس. هذه التقنية تم فضحها مؤخرا خلال العملية التي قامت بها الفرقة المتنقلة لبلدية عين ولمان، والتي حجزت كمية هامة من مختلف المنتوجات، منها المربى ومعجون الأسنان والغاسول وملون الشعر، وكلها مواد فاسدة منتهية الصلاحية، لكن أصحابها لجأوا إلى تقنية حديثة لمخادعة التجار والمستهلكين، واقتنوا الآلة التي تطبع تاريخ الصلاحية، مع العلم أن هذه الآلة يصل ثمنها إلى 120 مليون سنتيم، والأغرب أنها موجودة وتباع لمن أراد شراءها، وبما أنهم كلفوا أنفسهم وغامروا بشرائها، فهذا يعني أن المنتوجات التي مرت عليهم تقدر بكميات كبيرة، وحسب المختصين في التعليب، فإن تغيير تاريخ الصلاحية لا يصلح مع كل المنتجات كالتي تعلب بمواد حديثة، أو تستعمل فيها تقنية الحفر. وأما بالنسبة لباقي المنتجات، فيمكن تزويرها بسهولة، خاصة تلك المواد المعلبة في مادة بلاستيكية أو حديدية، كالمربى والطماطم والسردين، أين يمكن مسح التاريخ الأصلي و تعويضه بتاريخ جديد، وهذا بتواطؤ تجار الجملة للمواد الغذائية، الذين يتخلصون من المواد المنتهية الصلاحية ببيعها بأسعار منخفضة لأشخاص مختصين في هذا التزوير المتطور، وتعاد بعدها نفس المنتوجات إلى السوق، لتباع بطريقة عادية لا يتفطن لها أحد، ويؤكد لنا أحد التجار أنه يستحيل التعرف على هذه المواد المغشوشة إلا بعد تفقد محتواها أو استهلاكها، أي بعد حدوث الكارثة، وقد سجلت المصالح الاستشفائية حالات تسمم بأحد المطاعم بسطيف، واتضح أن السبب مرتبط بالطماطم المصبرة الفاسدة واتضح أيضا أن تاريخ نهاية الصلاحية تم تزويره، وفي عملية أخرى فشلت إحدى العصابات في تغيير تاريخ صلاحية مادة الشكولاطة، فقاموا برميها بالقرب من إحدى المدارس بعين ولمان، فاستهلكها التلاميذ وكانوا ضحية تسمم جماعي، وحسب مديرية التجارة، فإن هذه التقنية تم اللجوء إليها بعدما اكتشف المختصون في شراء المواد الفاسدة أن بيعها بأيام قبل نهاية تاريخ الصلاحية لا يسمح لهم بتحقيق ربح وفير، لأنهم يضطرون إلى تخفيض السعر إلى أدنى مستوياته، وهي الطريقة التي تنتشر خاصة بعدة أماكن في الأسواق الشعبية، كسوق عباشة وبالقرب من مسجد 1014 مسكن، أين يتم الاستعانة بأطفال لبيع مواد اقتربت صلاحيتها من الانتهاء، وهي الطريق التي أصبحت تقليدية في نظر المختصين في التزوير، والذين لجأوا إلى الطابعات الحديثة للمحافظة على قيمة المنتوج بتغيير التاريخ والإبقاء على السعر الأصلي. وكان أحد التجار قد تخلص من مادة المربى لاقتراب نهاية مدة الصلاحية، فاقتناها منه بعض المختصين مقابل ثمن بخس، لكنهم بعد مدة أعادوا بيعها لنفس التاجر لكن بسعر مرتفع، وكان ذلك بعد تغيير مدة الصلاحية. وبالنظر لهذه العمليات فان أغلبية المنتوجات معرضة للغش والتزوير، وما على المستهلك إلا الاحتياط.