من الوزير البطال الذي مكث في منصبه 48 ساعة، إلى الوزير "المرمضن" الذي أطلق النّار على زوجته، ومن الوزير الفاسد الذي منح مشروعا بغلاف 240 مليون أورو بالتّراضي، إلى الفيديو المقزّز الذي يتم تداوله حول مسؤول شركة وطنية كبرى، وتسبّب في احتجاجات عارمة بذات الشركة، ومن قفة رمضان التي تُوزَّع في شاحنة قمامة، إلى فضائح أخرى بالجملة في العديد من القطاعات... يكفي أن تفتح جريدة أو تتصفّح موقعا إلكترونيا إخباريا لتجد عشرات الأخبار التي تتناول فضائح الفساد والسّرقة والابتزاز وغيرها من الممارسات التي تحوّلت إلى سلوك يومي في الإدارات والمؤسّسات الرسمية وغير الرسمية، في مؤشر خطير لتراجع القيم والأخلاق التي كانت تحقّق الحد الأدنى من النزاهة في أوساط المسؤولين على كافة المستويات. لقد أزاحت فضيحة الوزير البطّال السّتار عن ثقافة جديدة بدأت تنتشر منذ مدة في أوساط الشّباب تنطلق من فكرة عدم تقديس العمل واعتباره نوعا من العبودية والاستغلال، لذلك تكاد تخلو ورشات البناء وشق الطرقات وحقول الفلاحة وباقي مجالات العمل التي تعتمد على الجهد العضلي من الشبان الجزائريين لصّالح الصينيين والأفارقة. وتحوَّل أغلب الشّباب الجزائري إما إلى مشاريع رجال أعمال بالدّخول في "بزنس" رأسماله المبلغ الذي تمنحه وكالات تشغيل الشّباب، وإما إلى مشاريع مسؤولين من خلال اللهث وراء المناصب كما هو الحال مع صاحبنا الذي أراد أن يقنع الجزائريين بأنه من الطبيعي تعيين طالب أو خريج جامعة بطال في منصب وزير! ولعل أصدق تجسيد لهذه الثّقافة الجديدة ما قام به شاب يرأس حزبا سياسيا غير معتمد، حيث نشر على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك صورته رفقة نجل الوزير الأول عبد المجيد تبون، وعلق عليها "عندما نكون من أقرب وأعز أصدقاء نجل الوزير الأول وصلنا إلى الدار من الباب الكبير"؟!. هذه هي الثّقافة التي جعلت من يومياتنا مضحكة كبيرة، وهي التي صنعت الفشل في كل القطاعات، وحوَّلت بلدا يزخر بثروات وإمكانات خيالية إلى بلدٍ متخلف في كل القطاعات، ولولا منحة النفط لكان حال أفقر بلد في إفريقيا أحسن من حالنا!