الأصداء التي تصلنا هذه الأيام من أوروبا بمناسبة تواجد المنتخب الوطني في القارة العجوز تثير فينا فعلا شهية النجاح... حيث كانت سويسرا وأصبحت إيرلندا وستكون ألمانيا محل اهتمام مئات الآلاف من الجزائريين الذين اختاروا المنفى بعيدا عن أوجاع وطنهم الذي صدّر لهم هذه المرة فرحة حوّلوها إلى عيد حقيقي، لقد نسينا على مدار عقود أن لنا جالية قوية ووفية لوطنها في كامل المعمورة، وليس في فرنسا فقط، وصور الجزائريين وهم في مواكب فرح في سويسرا ابتهاجا بتواجد المنتخب الجزائري في آخر منعرج قبل محطة جنوب إفريقيا هي امتداد لطوابير اللهفة في إيرلندا وكامل بريطانيا العظمى لأجل الحصول على تذكرة لمتابعة مباراة ودية، وامتدادا أيضا للحظات الانتظار في ألمانيا التي منها يطير المنتخب الجزائري إلى الموعد الكبير وسط جالية جزائرية في ألمانيا كدنا ننسى وجودها في هذا البلد الكبير، معظم الذين هاجروا إلى سويسرا وبريطانيا وألمانيا في السنوات الأخيرة إنما فرّوا بسبب الدماء والدموع التي أغرقت الجزائر، لأجل ذلك احتفلوا بوطنهم وأبرقوا للمسؤولين أقوى الرسائل على ضرورة توفير ظروف العودة لهم، وإذا كانت فرنسا قد ابتلعت الكثير من الجزائريين فصار منهم زيدان وبن زيمة وآخرون في عالم الطب والهندسة والفن، فارتدوا سترتها وتكلموا لغتها ودافعوا عن علمها ونشيدها، بعد أن منحتهم جنسيتها.. إذا كان هذا هو حال بعض الجزائريين في فرنسا فإن جزائريي بقية الدول لم تحركهم كل العواصف، وحافظوا على جزائريتهم ولم يتغير لحن لسانهم وعزف قلوبهم إلى درجة أنهم أقاموا سفارة شعبية في إيرلندا لها فروع في كل الدول الأوروبية ورسموا خارطة طريق برية وبحرية وجوية من دون تدخل دولتنا ولا سفاراتنا في الخارج وساعدوا بعضهم بعضا في توفير تكاليف النقل وأماكن الإيواء والتذاكر لمتابعة لقاء ودي أواخر الشهر الحالي في إيرلندا من دون أن يستعينوا بسفاراتنا الكثيرة في مختلف الدول الأوروبية، وبالتأكيد أنهم لو فعلوا لنسفت بيروقراطيتها هذه المشاهد الجميلة التي جعلت السويسريين يرفعون قبعاتهم احتراما للجزائريين الذين صوّروا جزءا من الحب والوفاء لوطنهم عبر كرة القدم، وإذا توفرت لهم الظروف فسيمنحون كل الحب وكل الوفاء لوطن غادروه بالأحزان وحان الوقت ليعودوا إليه بالأفراح، ولو من دولة إيرلندا التي لا نمتلك فيها سفارة وكل طرق أوروبا هذه الأيام تؤدي إليها. كثيرون يصفون كرة القدم بالمرض أو الوباء، وليتها كانت كذلك حتى تصيب حياتنا بالعدوى، فيصبح تحرك عالم جزائري أو فنان جزائري عيدا في كل المعمورة، وكما أدت كل الطرق الأوروبية إلى إيرلندا يجب الآن أن تؤدي كل الطرق العالمية إلى.. الجزائر.