مع حلول فصل كل صيف تبدأ معاناة سكان المناطق الصحراوية مع عديد الصعوبات والتحديات التي تكدر صفو حياتهم اليومية في مختلف المجالات المعيشية. ومن أبرز الهواجس التي تخيف سكان هذه المناطق لسعات العقارب المؤدية للتسمّم العقربي، والتي تنجم عنها حالات وفيات في عديد المرات خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالأطفال أو كبار السن. ويعد فصل الصيف الذي يتميز بالارتفاع الشديد في درجات الحرارة التي تصل في بعض الأحيان إلى مستويات قياسية بالمناطق الصحراوية؛ الموسم الأنسب لخروج العقارب من أماكن اختبائها الذي يتنوع من مكان لآخر ومن بيئة لأخرى. ولعل من أبرز الأماكن التي تكثر بها هذه الحشرة السامة تلك الأماكن التي تشهد انتشارا واسعا لمخلفات وبقايا البناء على مستوى الأحياء والقصور بشكل فوضوي وكذا بالوعات ومطمورات الصرف الصحي والنفايات المنزلية المتراكمة، كما تعرف المجمّعات السكنية والقصور المتاخمة للحقول والبساتين التقليدية، وتلك التي تتواجد بها كثبان رملية هي الأخرى تواجدا كبيرا لهذه الحشرة القاتلة. وتفيد الإحصائيات التي تقدّمها مصالح الوقاية التابعة لمديرية الصحة والسكان لولاية أدرار عن تسجيل نحو 1809 حالة للتسمّم العقربي خلال هذا الموسم، بارتفاع يقدر ب 230 حالة عن السنة المنصرمة، وهي الحالات التي نجم عنها تسجيل 6 حالات وفاة بسبب لسعات العقارب بمنطقة برج باجي مختار الحدودية. وهو الأمر الذي يفرض على الهيئات الوصية اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات اللازمة للحد من خطر انتشار هذه الحشرة من خلال تعميم الإنارة العمومية، وتنظيم حملات تطوّعية دورية للقضاء على مخلفات وبقايا الرمي العشوائي لنفايات البناء من جهة، ومن جهة أخرى المبادرة بتنظيم عمليات دورية لجمع حشرات العقارب قصد الحد من تكاثرها؛ بالإضافة إلى العمل على توفير الأمصال المضادة للتسمّم العقربي على مستوى مختلف قاعات العلاج خصوصا تلك المتواجدة بالمناطق النائية المعروفة بتواجد العقارب على مستواها. وبخصوص توفير الأمصال المضادة للتسمّم العقربي يناشد سكان المناطق النائية المعروفة بارتفاع حالات التسمّم العقربي بها والمتواجدة على مستوى بلديات طلمين، تينركوك، أولاد عيسى، وكذا سكان المناطق الحدودية وأماكن تواجد البدو الرحل، الهيئات الوصية بضرورة منح تراخيص لشبه الطبيين المتواجدين على مستوى قاعات العلاج بهذه المناطق قصد السماح لهم بالتدخل السريع لتقديم لقاحات التسمّم العقربي لعلاج مصابين، أو العمل على توفير الأطباء المناوبين في الفترات الليلية خصوصا خلال فصل الصيف على مستوى هذه القاعات على اعتبار أنه عادة ما يقطع المصابون بلسعات العقارب مسافات طويلة للوصول إلى عواصم البلدية للاستفادة من هذا اللقاح أو الاكتفاء بالطرق الشعبية التقليدية التي قد تنجم عنها تبعات خطيرة في بعض الأحيان فشلا في توفير الأمصال بالكميات الكافية، خصوصا إذا علمنا أن بعض هذه الأمصال يتم استيرادها من الخارج، على غرار الأمصال المضادة للسعات أنواع العقرب المنتشرة بمنطقة برج باجي مختار.