أصبح التكوين قبل الزواج أكثر من ضرورة، لأن الأمر يتعلق ببناء أسرة تواجه تحديات ومسؤوليات جديدة تقتضي الإعداد على أكثر من صعيد من أجل تفادي الفشل في هذه المهمة، والتقليل من ظاهرة الطلاق التي عرفت تفاقما في السنوات الأخيرة. قبل الحديث عن لوازم العرس والمعزومين وكراء القاعة والوليمة وما يرافقها من صخب، الأولوية حسب المختصين تكون لمدى استعداد العريسين لبناء أسرة جديدة، الأمر الذي يحاج حاليا إلى تكوين يكاد يكون بيداغوجيا لتعلم أحكام الزواج وحيثياته. ويكون ذلك عن طريق دورات تكوينية بدأت تعرف انتشارا وسط المجتمع الجزائري بمساهمة المساجد والمختصين الميدانيين، كما كان الشأن مع مسجد عبد الحميد بن باديس ببلدية عين ارنات بولاية سطيف أين تم تنظيم دورة للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا، والذين يدخلون في تربص مغلق يشرف عليه أئمة وأساتذة في مختلف الاختصاصات. الدورة موجهة للمقبلين والمقبلات على الزواج ويتم فيها التركيز على مختلف الجوانب المحيطة بالحياة الزوجية، منها أحكام ومقاصد الزواج والحقوق الشرعية للزوج والزوجة، ويمتد التكوين إلى الجانب القانوني بالتعرف على فن إدارة قانون الأسرة، دون إهمال الجانب النفسي والصحي في العلاقة الزوجية والخصوصيات الاجتماعية لكل طرف وكذا الجانب الاقتصادي وما يتعلق بميزانية الأسرة بالإضافة إلى العديد من المسائل المتعلقة بفقه العائلة وفنيات التعامل بين الزوجين. وقد حرص القائمون على مسجد عبد الحميد بن باديس بعين أرنات على مشاركة الفتيات في نفس الدورة، حيث تابعت المقبلات على الزواج كل المداخلات عن طريق النقل المباشر من القاعة السفلية مع تكليف المرشدات بتقديم محاضرات وتدريبات خاصة بالنساء. ويؤكد القائمون على مثل هذه الدورات أن التكوين قبل الزواج ضروري للحفاظ على انسجام الزوجين والعمل على بناء بيت سعيد وفق التعاليم الإسلامية والعلمية. والهدف من هذه الدورات هو الحد من ظاهرة الطلاق المبكر، فهناك العديد من الشبان يتزوجون في الصيف ولا يحل الشتاء حتى يجدوا أنفسهم في المحاكم لضبط إجراءات الطلاق. ولذلك يبقى هؤلاء الشباب بحاجة لمن يأخذ بأيديهم إلى بر الأمان. ومثل هذه الدورات منتشرة في المشرق ونجدها أيضا في المجتمع الميزابي، حيث اعتاد الشباب بولاية غرداية على الاستفادة من دورات تكوينية قبل الزواج كانت لها نتائج ايجابية على تنظيم الأسرة. ولذلك يتمنى المختصون أن تعمم هذه الدورات على مختلف المناطق وتصبح من الضروريات لتفادي العديد من المشاكل. فأي شخص يريد قيادة سيارة يحتاج إلى تكوين، فما بالك بالنسبة للذي يريد قيادة أسرة.