يقول فتحي باشاغا عضو لجنة الحوار الليبي إن الليبيين يعتبرون الجزائر هي الأقرب إليهم، وهي بمثابة الأخ الأكبر، غير أن الجزائر لم تقم بدورها الكامل في إيجاد حلول للأزمة الليبية، ويرفض المتحدث القبول بفكرة وجود جيش ليبي منظم حاليا، كما يرفض وصول خليفة حفتر أو سيف الإسلام القذافي إلى سدة الحكم دون أن يكون ذلك عبر انتخاب حر ونزيه. بداية من هو في فتحي باشاغا؟ فتحي باشاغا من مواليد مدينة مصراته، وجهت للكلية الجوية بعد إتمامي المرحلة الثانوية، تخرجت منها برتبة ملازم ثان طيار مقاتل واختارت منا وقتها الكلية الجوية خمسة ضباط حتي نستمر في تدريب الطلبة وهذا بعد اجتيازنا لدورة التدريب، وبقيت هكذا إلى ان استقلت من السلاح الجوي عام 1993، بعدها انتقلت إلى تجارة الاستيراد، جاءت بعدها أحداث عام 2011 تشكلت وقتها اللجنة القضائية وهي اللجنة التي استدعت الضباط العاملين والمستقيلين لتكوين لجنة عسكرية، وكنت أحد أعضاء المجلس العسكري لمصراتة مع بداية ثورة 2011.
كيف كان موقفكم من التحالف مع حلف شمال الأطلسي؟ بالنسبة لنا كمدينة مصراته كانت مهمة اللجنة القضائية إدارة شؤون المدينة بعد تفكك الدولة داخل المدينة ومهمتنا كانت حمايتها وتأمينها، وقد تولى الأمور السياسية في ذلك الوقت المجلس الانتقالي الذي اختير على رأسه مصطفي عبد الجليل، في قرار أممي 19.70 و19.73 لحماية المدنيين، لم تكن بمدينة مصراته سواء بمجلسها العسكري أو اللجنة القضائية أو غيرهما لم يكن لهم علاقة بالمطالبة بهذا القرار إنما هذا كان شأن المجلس الانتقالي وهو الذي يمثل جل الليبيين الذين كانوا يعارضون نظام معمر القذافي، نحن لم نستقدم أحدا إنما كنا تحت طاعة وولاية المجلس الانتقالي من الناحية السياسية والقانونية.
أنت متهم بأنك أحد مهندسي ما يسمى ب"فجر ليبيا"، هل هذا صحيح؟ هذا الكلام غير صحيح، "فجر ليبيا" كانت عملية ردة فعل على مجموعة أفعال وأخطاء، أتذكر أن مجلس مدينة مصراته المحلي وحتى مجلس الشورى وقتها حاول زيارة كل المدن الليبية بداية من طبرق إلى درنة ومختلف المناطق الشرقية، وحتى الجنوبية والغربية، وكان الهدف فتح مجال الحوار وإيجاد صيغة للتفاهم، وكان المؤتمر الوطني العام موجودا يقود البلاد والحكومة أيضا، ولكن الهدوء الذي حملته سنوات ما بعد 2011 كان واضحا أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة وهذا ما تبين بعدها من الأخطاء التي حدثت.
هناك من يقول أن كتيبة ميليشيا المرسى تتبعكم بشكل مباشر؟ من يوم 20 02 2011 كنت ملحقا بالمجلس العسكري، لم تتبعن أية كتيبة ولم أنتسب لأية كتيبة، أنا تركت المنصب العسكري بعد أن انتهت حرب 2011 إلى غاية تقلدي منصب سياسي في الوقت الحالي.
هل فشل الإتفاق السياسي بين الفرقاء الليبيين، أم تم إفشاله؟ الاتفاق السياسي لم يفشل، ولكن جهات عديدة حاولت إفشاله، وللأسف أن كلا الطرفين المتخاصمين الرافضين للاتفاق السياسي اتحدا في هذا الجانب على إسقاطه وعدم التمكين من تطبيقه. إن الاتفاق السياسي لم يطبق، والشيء المثير للاستغراب أن كلا الجهتين سواء الجهة في المنطقة الغربية أو المنطقة الشرقية لم تقدم مشروعا بديلا له رغم أنها تنتقده وتقيس فيه بزوايا شخصية أو تمثل مصلحة طائفة معينة. الاتفاق السياسي لم يفشل ولم يطبق بالكامل.
ما موقفكم من مبادرة رئيس حكومة الوفاق الوطني التي تدعو لانتخابات رئاسية وبرلمانية؟ وما الضمانات التي يمكن أن تقدموها حتى لا يتكرر سيناريو رفض البرلمان سابقا؟ مبادرة الرئيس أطلقها بعد الجمود والانسداد السياسي الكبير. ربما كانت مبادرة جيدة في وقتها وهو أراد أن يوصل رسالة أنني لست متشبثا بوجودي في المجلس الرئاسي، ولكن لجنة الدستور أيضا أنهت الدستور وقدمته للبرلمان، إذن هنا لدينا خيارات عديدة منها الاستفتاء على الدستور الذي أعتقد أنه سوف يحل محل مبادرة السراج، ومازال في يدنا تعديل مسألة الاتفاق السياسي.
ما موقع المجلس الرئاسي في الغرب الليبي الذي يعاني مشاكل كثيرة، وهل حان الوقت لتغيير هذا المجلس؟ أزمة المواطن الليبي تعاني منها كل ليبيا حتى المنطقة الشرقية من السلوم إلى رأس الجدير ومن شمال البحر المتوسط إلى الجبال، كل المناطق في ليبيا تعاني، لا نريد أن نحمل المجلس الرئاسي مسؤولية هذه الأزمة الممتدة منذ السنوات الماضية والحكومات التي تعاقبت والانشقاق والقتال الذي حدث من قبل وحتى انقسام المؤسسات وصراعها داخل نفسها أيضا. أتذكر أنه في نهاية عام 2014 أنني حذرت خلال اجتماع رسمي أننا مقبلون على أزمة خطيرة جدا اقتصادية وأمنية وأن مستقبل إنقاذ ليبيا مظلم، هناك من قال لي وقتها أنني أخيفهم، لكنني كنت أحذر من باب المعطيات الموجودة أمامي ودائما ما دعوت إلى حوار وطني للجلوس مع الإخوة الليبيين جميعا.
هل يمكن أن نعتبر أن المجلس الرئاسي مسير دوليا؟ هذه تهمة سمعناها من يوم قدم المجلس الرئاسي في فرقاطة، والحقيقة التي يمكن لدولة تونس أن تشهد بها، وهي أن المجلس الرئاسي دخل بزورق ليبي إلى العاصمة طرابلس، ورفض مساعدة أي دولة في الدخول.
عفوا سيدي، لكننا نتحدث عما بعد ذلك، عن مجلس يعجز عن التوقيع على أي ورقة إلا بمباركة من الدول الغربية، ورأينا أن معظمها كانت مع إيطاليا خاصة؟ هذا كلام غير صحيح، خاصة عن إيطاليا التي بيننا اتفاقيات منذ زمن النظام السابق، لا أريد أن أظلم المجلس هنا، فقد فتح بابه أمام كل الدول الجارة منها والمتواجدة بشمال إفريقيا العربية وحتى الأجنبية، لكن ربما بعض الدول عرضت على المجلس الرئاسي تقديم مساعدات ليست لها حدود، لكن في المقابل المجلس لم يستطع أن يكون إدارة لإدارة الدولة، ولم يستطع أن يبسط سيطرته على الأقل على المؤسسات، ولهذا لم يستفد من المساعدات التي أبوابها لازالت مفتوحة.
بالعودة إلى مدينتكم مصرته.. هنالك البعض الذي يتهمها بأنها تمول كتائب مصنفة دوليا أنها إرهابية، فما مدى صحة هذا الموضوع؟ هذه الاتهامات باطلة بالنسبة لكتيبة الفاروق، فقد شاركت في حرب عام 2011 وحاولت ان تظهر مظهرا في مدينة مصراته عن طريق تشددها ورفعها للراية، لكنها جوبهت من قبلنا وخرجت نحو مدينة سرت.
وماذا عن كتيبة سرايا بنغازي؟ سرايا بنغازي العالم كله يعرفها، لكن أريد أن أنبه إلى شيء، أولاد مصراته غير متشددين، هم يدعمون مدنية الدولة والاعتدال، ولكن كل مجتمع حتى الجزائري أو التونسي لا يخلو من أن يكون لديه متطرفين، نحن نعلم الآن أن في سوريا من يقاتل هم جزائريون مغاربة توانسة ليبيون مصريون وغيرهم، في سرت أيضا من قاتلنا، لقد وجدنا جنسيات مختلفة سعودية قطرية جزائرية مغربية وحتى أوروبية وروسية، يعني هذه طبيعة مجتمعات التنوع، لهذا أقول المجتمع المصراتي خصه الله بالتجارة التي لا يمكن أن تلتقي مع التطرف، فالتجارة دائما تبحث عن العمل والتطور، وأشير هنا إلى أنه تمت شيطنة المجتمع المصراتي في أحداث الثورة من قبل الإعلام المحلي والدولي بغرض تشويه سمعته لدى الدول الإقليمية وغيرها، لكن كل من زار أو تواصل مع المدينة يكشتف الواقع المغاير تماما، بل ويكتشف أنه عامل إعلامي، بل ومخابراتي أيضا.
إذن ماذا عن موقفكم من القوة الثالثة التابعة لكم والتي أكملت حرب الجنوب رغم ان ذلك يعتبر خرقا للاتفاق السياسي؟ القوة الثالثة تم تشكيلها في حكومة عهد علي زيدان وتم تكليفه من وزارة الدفاع تكليفا رسميا، وذهبت إلى الجنوب وساهمت مساهمة كبيرة في فك الاشتباك والقتال ما بين المكونات الاجتماعية، وكذلك ساهمت أيضا في حل مشكلة الاشتباك الذي حدث في منطقة أوباري الجنوبية، يعني كان لها دور في البداية في استتباب الأمن بمنطقة الجنوب، ولكن حقيقة بعد قدوم المجلس الرئاسي القوة الثالثة كانت فترة أو مهمتها في الجنوب كانت على وشك الإنهاء فمدد لها المجلس الرئاسي عن طريق وزارة الدفاع، كان يوجد خلل في القوة الثالثة، علينا ان نعترف به، قيادته ضعيفة جدا، فيها قصور وعدم دراية، كانت هنالك شكوى من الجنوب بتغيير قيادة القوة، وقد نبهنا الحكومة السابقة وحتى المجلس الرئاسي بأنه يجب تغيير قيادة القوة، لكن أحدا لم يستجب لنا، وهي ربما العوامل التي أدت إلى النتيجة التي حدثت في الجنوب في الأيام الأخيرة لتلك القوة.
سرايا بنغازي أيضا المصنفة على أنها إرهابية تظهر في مدينتكم وتصرح بشكل عادي؟ أنا لم أشاهد ذلك، ولم أسمع أنهم خرجوا بتصريحات من مدنية مصراته، سرايا بنغازي يتحملون مسؤوليتهم وهم موجودون في كامل الغرب الليبي وليس في مدينة مصراته فقط، وفي المؤتمر الوطني العام كانت له علاقات وهذا سبب بسطه على الغرب الليبي وحتى الجنوب، ولكن بعد دخول المجلس الرئاسي وإعلان كل مصراته الموافقة عليه، لا أعتقد بأن سرايا الدفاع عن بنغازي بقيت موجودة لدينا داخل المدينة.
أين وصلت الحوارات والمساعي التي تقودونها ما بين منطقتكم مصراته والشرق الليبي؟ عقدنا لقاء في القاهرة برعاية اللجنة المصرية المختصة بالملف الليبي، كان لقاء عبارة عن كسر للحواجز وتعزيز للثقة، والمقصود منه هو بداية أو لبنة الانطلاق نحو المصالحة الوطنية، اتفقنا نحن وأعضاء المنطقة الشرقية على أن يعود كل منا لقواعده وأن يشرح كل منا لجهته ما تمخض عنه اللقاء، وأن نكون بعدها لجانا مختلفة تتواصل مع بعضها حتى تساهم في البدء ومعالجة المشاكل العالقة، على أن تكون هنالك لقاءات أخرى تنتج عنها مصالحات وتوضيح للصورة بين المنطقتين، خاصة من جهة مصراته التي تربطها تاريخيا علاقات كبيرة بالمنطقة الشرقية، وهنالك قول مأثور قديم بيننا وهو أننا حلفاء بعض، صحيح حدثت مشاكل بيننا، لكنها ستزول وستتواصل في القريب نخب مهمة من المدينتين مع بعضها البعض.
هل أصبحت جماعة الشرق الإخوة الأعداء بالنسبة لكم؟ هم ليسوا بأعداء، ربما غضبنا من بعضنا البعض في الفترات السابقة، لكنهم لن يكونوا أعداء.
هل يمكن أن نقول أن هنالك جيشا بالمنطقة الشرقية، وهل تؤيد العقيد المتقاعد خليفة حفتر؟ لا يوجد هنالك جيش ليبي، أنا ابن الجيش، لما نقول جيش معناه يتكون من وحدات عسكرية وكتائب وألوية وفرق، ولو أخذنا أصغر تشكيل وهو السرية أو الكتيبة هذه المفروض تتكون من أبناء جميع المناطق في ليبيا وهذا هو مفهوم الجيش مثل ما كان في السابق في عهد المملكة أو في عهد النظام السابق، أي جيش بدون السؤال عن الانتماء المناطقي، لكن أن نكون جيشا من المنطقة الشرقية فقط فهذا يحمل صفة الجهوية، ربما قد يكون محتاجا له في فترة من الفترات، لكنه ليس بجيش ليبي، لأن الجيش لابد أن يكون موحدا ولاءه لليبيا فقط والليبيين، تغير الأشخاص لا يهم بما أن نفس الهيئة تحمي السيادة.
ماذا لو وصل خليفة حفتر إلى سدة الحكم في البلاد؟ إذا كان عن طريق صندوق الانتخاب فأي ليبي يحق له ذلك، هذا هو النظام الديمقراطي، أما أن يفرض شخص نفسه فلن نقبل.
حتى لو كان سيف الإسلام القذافي؟ حتى لو كنت أنا فتحي باشاغا.. لن نقبل بأي شخص، نريد أن نؤسس لمجتمع سليم وأن نكون رقما نافعا في منطقة شمال إفريقيا والعالم.
ما رأيكم في الموقف الرسمي الجزائري من قضيتكم والمنادي دائما بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، علما أن زيارة الوزير المكلف بالشؤون المغاربية عبد القادر مساهل إليكم وصفت بالفاشلة؟ في اجتماع روما الأخير ذكرت كلاما أمام الوفد الجزائري وأمام كل الدول الحاضرة، بأن هذه الدولة لم تتدخل في ليبيا تدخلا سلبيا وأنها لا تمتلك مصالح مادية في ليبيا، لكن منفعتها الوحيدة هي استقرار ليبيا حتى لا يتهدد أمن الجزائر، وهنا نشير إلى أن الجزائر لم تقم بدورها الكامل، خاصة وأن الليبيين يعتبرونها الأقرب إليهم والأخ الكبير، لهذا كان المفروض بها أن تساهم في الحل وأن تكون وسيطا عادلا ونزيها بيننا خصوصا وأن ليبيا وهي ضعيفة سابقا ساعدت الجزائر، فقد كانت النسوة ينزعن الحلي ويقدمنها للثورة، ومن هذا الباب وغيره كنا فعلا نأمل أنه بقوة الجزائر ومكانتها يمكنها أن تصلح بين الليبيين الخلاف والشقاق، لكنها للأسف لم تكن قوية في ذلك.
هل يمكن القول هنا أن الملف الليبي سحب من بساط الدبلوماسية الجزائرية، خاصة وأن معظم اللقاءات والحوارات تتم إما في تونس أو مصر؟
أعتقد أن الجزائر في المراحل الأخيرة قامت بخطوة ذكية، فقد سمعت وأنا في القاهرة مؤخرا أن الحكومة الجزائرية والمصرية اتفقتا على التنسيق بينهما فيما يخص الملف الليبي، وقد تكون جهود كل طرف على حدا فيما يخص ملفنا مضرة علينا، لكن التنسيق المستقبلي أعتقد أحسن شيء.