إذا كان انهيار الدينار نقمة وعذابا للجزائريين الذين باتت أجورهم لا تكفي حتى للمأكل والمشرب، فإن الكثير من المواطنين استبشروا بهذه الوضعية تحت شعار "مصائب قوم عند قوم فوائد"، بسبب تقاضيهم لمعاشات ومنح بالأورو من أوروبا، بالإضافة إلى صلتهم بأقارب في المهجر وهو الأمر الذي يجعل من العملة الصعبة أغلى من الذهب في ظل التراجع المستمر لقيمة الدينار. كشف صندوق التقاعد الفرنسي في آخر تقرير له عن وجود أزيد من 440 ألف متقاعد جزائري يتلقون معاشاتهم شهريا من فرنسا، تتراوح بين 221 و621 أورو. وأشار الصندوق إلى أن الجزائريين يحتلون المرتبة الأولى من حيث عدد الأجانب الذين يستفيدون من تقاعدهم بالصندوق الفرنسي للتقاعد، وهذا ما يعني أن 440 ألف عائلة جزائرية تتلقى معاشات ومنح من فرنسا، وحدها ويرتفع الأمر إلى نصف مليون عائلة تتلقى معاشات من مختلف الدول الأوروبية بالأورو. وتشير تقارير المعهد الوطني للإحصائيات والدراسات الاقتصادية "إ. نسي" أن عدد المهاجرين الجزائريين الذين يقطنون العاصمة الفرنسية باريس بلغ 460 ألف شخص من مجموع 5.5 مليون مغترب يوجد بفرنسا، مقابل 3 ملايين مغربي. وهذا ما يعني أن الجزائريين يملكون أكبر جالية في فرنسا تتعدى خمسة ملايين جزائري تربطهم علاقات بعائلاتهم في الجزائر والتي تعتبر انهيار الدينار في صالحها بتلقيها مساعدات من أبنائها المهاجرين بالعملة الصعبة. وفي ظاهرة غريبة تسبب فيها انهيار الدينار، بات المهاجرون الجزائريون يشترون مختلف الأجهزة الكهرومنزلية وحتى الملابس والأدوية من الجزائر ويحملونها في سياراتهم إلى مقر إقامتهم في اوروبا، بسبب تراجع الدينار. وفي جولة ميدانية قادتنا إلى محلات تغيير العملة الصعبة في كل من المدنية وبئر خادم بالعاصمة، أين تنشط هذه المحلات بطريقة غير شرعية، ويقصدها يوميا مئات الجزائريين الذين يشترون ويبيعون العملة الصعبة، في مقدمتهم المسنين الذين يتلقون معاشات من مختلف الدول الأوروبية، وعائلات المغتربين والذين تبدو عليهم آثار البهجة والسرور بسبب ارتفاع قيمة الأورو، حيث بلغ أمس مستويات قياسية ب20400 دج مقابل 100 أورو وهو الأمر الذي أرعب الكثير من الجزائريين في حين أفرح البعض.