ووري الثرى، الأربعاء، جثمان الفقيد المفكّر الجزائري الدكتور عبد الوهاب حمودة، بمقبرة الحمامات في العاصمة، وسط حضور غفير للمواطنين والعلماء والدعاة، كما حضر الجنازة بعض الرسميين، على غرار إطارات بوزارة الشؤون الدينية. وفي جو جنائزي مهيب، طبعه الحزن والأسى لفقدان أحد علماء الجزائر الأفذاذ، ممن وهبوا حياتهم لخدمة الدين والوطن والعلم وإصلاح المجتمع، حيث قضى حياته في غرس قيم الدين الإسلامي الصحيح لدى العامة، وهو أحد الأعلام الذين تخرّجوا من مدرسة الفيلسوف الكبير مالك بن نبّي، إذ كان من روّاد حلقاته الحضارية نهاية الستينات ومطلع السبعينات من القرن الفائت، كما يعدّ المهندس الفعلي لملتقيات الفكر الإسلامي التي دشنها الرئيس الراحل هواري بومدين، في عهدة وزير الشؤون الدينية والتعليم الأصلي، بلقاسم نايت بلقاسم، وبفضل جهوده في الخفاء، استمر الملتقى حتّى تحوّل إلى منتدى حضاري، جمع جهابذة الفكر والدين الإسلامي من مختلف المذاهب وأصقاع العالم حتّى توقف بداية التسعينات بدخول الجزائر فصول الأزمة الدامية. الدكتور عبد الوهاب حمودة عاش في خدمة الدين والوطن من موقعه كباحث وكاتب وكإطار في وزارة الشؤون الدينية لسنوات حتى وصل إلى منصب الأمين العام، لكنه رفض مع ذلك عرض رئيس الحكومة الأسبق قاصدي مرباح رحمه الله (1988) بتولّي شؤون الوزارة، تقديرا منه لثقل الأمانة العمومية. وقد واصل المفكر حمودة دوره في نشر الوعي الإسلامي والوطني بعد تقاعده من الوظيفة، عبر برنامج إعلامي على التلفزة الوطنيّة الناطقة بالفرنسية. وتقديرا لتلك المسيرة الموشحة بالعطاء، فقد شيعه في جنازة مهيبة المئات من رفاق دربه وتلامذته وكل من عرفه، حيث أثنوا على خصال العلامة الذي عمل في صمت وبعيدا عن الأضواء، من أجل بناء مجتمع متشبّع بالإسلام الوسطي والوطنيّة، مُثنين على أخلاقه الحميدة وسعة صدره وغزارة علمه، معزّين الجزائر والأمة في أفول نجم من نجومها الساطعة في سماء الخالدين. ونشير أن مؤسسة "الشروق" ستؤبّن المفكر حمودة هذا السبت بمقرّ الجريدة، بداية من العاشرة صباحا، حيث تكون الدعوة مفتوحة للجميع.