تحصي محطات تصفية المياه المستعملة يوميا كميات هائلة من النفايات الصلبة والمواد السامة التي ترمى في قنوات الصرف الصحي، وتشكل خطرا على البيئة والمحيط وحياة الكائنات، بسبب لا مبالاة المواطنين وأصحاب المصانع على حد سواء، وهو ما يجعل عملية التطهير وتصفيتها تمر عبر مراحل في غاية التعقيد قبل أن تتخلص المياه من كافة الملوثات والمخلفات. "الشروق" تنقلت إلى محطة تصفية المياه المستعملة ببراقي التي تعد اكبر محطة من نوعها على المستوى الوطني، حيث تتربع على مساحة 40 هكتارا، وتحتوي على كافة الوسائل والإمكانات المتطورة من اجل تطهير الكميات الهائلة من المياه القادمة من مراكز تجميع المياه المستعملة بغية تصفيتها، وتطهيرها نهائيا من الشوائب ومختلف المواد السامة قبل إعادة إلقائها على مستوى وادي الحراش الذي يصب مباشرة في البحر. في بداية الأمر كنا نعتقد أن تطهير المياه وتحويل المياه القذرة إلى مياه صافية من سابع المستحيلات، بسبب مستوى التلوث الذي تعرفه هذه الأخيرة، إلا أنت تلك الفكرة تغيرت بمجرد الوقوف عن كثب عبر كافة المراحل التي تمر بها عملية التطهير، وتخليص المياه من 97 بالمائة من الملوثات وجعلها مياها صالحة لتطهير الأرصفة والطرقات وسقي المساحات الخضراء واستغلالها في مختلف المجالات، بغية تقليص حجم استغلال المياه الصالحة للشرب في مجال التطهير. وحسب مسؤول المحطة فإن عملية تطهير وتصفية المياه هي عملية معقدة تمر عبر ثلاث مراحل، من أجل الوصول إلى تحقيق مياه نقية خالية من أي ملوثات، باستعمال وسائل جد متطورة وبأساليب تحمي البيئة، وتحقق نتائج فعالة، حيث كشف مسؤول المحطة سفيان حراوي، أن المحطة تحصي يوميا تطهير ما يقارب 150 ألف متر مكعب من المياه المجمعة عبر محطتي التجميع ببابا علي والحراش، وهي المياه القادمة من مختلف بلديات العاصمة، حيث تصل طاقة استيعاب المحطة لأكثر من 300 متر مكعب من المياه المستعملة، مباشرة بعد دخول محطات تجميع المياه والقنوات الناقلة الجديدة المتواجدة في طور الإنجاز، وسيتم مستقبلا إعادة إلقاء المياه المعالجة من منبع الوادي في بن طلحة. وأشار مسؤول المحطة، إلى أن عملية التطهير تمر عبر ثلاث مراحل، ففي المرحلة الأولى، أو ما يعرف بعملية التنقية الأولية أو الفيزيولوجية، تستقبل فيها الأحواض المياه القذرة المختلطة بكميات من النفايات الصلبة، والمواد السامة السائلة، حيث يتم رفع المياه من الأحواض السفلية نحو أحواض علويد عبر لوالب، ومن ثم تمرير المياه عبر شباكين وحاجزين، الأول يمنع المواد الصلبة التي يتجاوز حجمها 6 سنتيمترات، من المرور أمام الحاجز الثاني الذي لا يبعد عن الأول سوى بمتر واحد فيمنع بدوره مرور الشوائب التي يفوق حجمها السنتيمترين. وفي ذات النقطة تأسف المتحدث لنقص الوعي ولامبالاة بعض المواطنين، الذي يلقون في قنوات الصرف الصحي كل شيء، حيث يتم رفع حيوانات جيفة كالدجاج والأغنام والأبقار، وأحيانا آلات كهرومنزلية قديمة عبر إلقائها في القنوات، بل "وجدنا حتى غرف نوم ومواد صعبة وقارورات بلاستيكية وزجاجية". وتأسف المتحدث على التصرفات السلبية لبعض مربي الأبقار والدواجن الذين عوض أن يقوموا بإلقاء ودفن منتجاتهم "الميتة" تحت الأرض،يغتنمون أوقات الليل من اجل إلقائها في قنوات الصرف الصحي، متسببين بذلك بمجازر في حق البيئة.
مراكز تشحيم السيارات.. الخطر الصامت وأضاف ذات المتحدث، انه لحسن الحظ باتت محطات تصفية المياه المستعملة تحول دون مرور كميات هائلة من النفايات إلى البحر، بدليل أن العديد من المصانع لا تزال تلقي بكميات معتبرة من المواد الكيميائية السامة في قنوات الصرف الحي، وكذا أصحاب محلات تشحيم السيارات، حيث يسممون الشواطئ بكميات معتبرة من الزيوت، وبالتالي بات لزاما تمرير "المياه القذرة" عبر ثلاث مراحل لتنقيتها نهائيا من السموم. بعدها يتم تمرير الكميات من الماء عبر أحواض الترسيب الأولية من اجل نزع الأتربة والزيوت، وبالتالي نزع 30 بالمائة من الملوثات من المياه القذرة، لترسب كميات المياه في أحواض الترسيب الثانوية من أجل تطهير المياه بصفة شبه نهائية، وفي هذه المرحلة تستعمل طريقة التطهير البيولوجية، من خلال الاعتماد على البكتيريا والغذاء الذي هو عبارة عن الحمأ، فضلا عن تزويد تلك الأحواض بالأوكسيجين من أجل القضاء نهائيا عن البكتيريا ومن ثم فصل الماء عن الحمأة، ليخرج بذلك ماء معالج بنسبة 97 بالمائة، حيث يمرر إلى أحوض الترشيح على الرمل ومن ثم التعقيم بالمواد فوق البنفسجية، من أجل تطهيره نهائيا من كافة المواد السامة التي تلقيها المصانع وبعض المؤسسات المختصة في الصناعات الكيمياوية، قبل إلقائه في وادي الحراش.
مصانع تُسمِّم الجزائريين بمواد سامة ودق المتحدث ناقوس الخطر من مفرزات بعض المصانع التي لا تزال تعالج نفاياتها والسموم التي تخلفها والتي تضر أساسا بحياة الكائنات والمساحات الخضراء والأراضي الفلاحية على حد سواء، بل تضر أصلا بعمل المحطة، بدليل أن الطريقة التي تعتمدها هذه الأخيرة ايكولوجية 100 بالمائة، حيث تسعى إلى تحقيق تكاثر البكتيريا من أجل القضاء نهائيا عن الملوثات، وفي حالة وجود أي مواد كيمياوية مع المياه الملقاة في قنوات الصرف الصحي فإنها تضر بالنظام المعتمد وتهدد بالتلوث البيئي. وتأسف المتحدث ذاته على لا مبالاة أصحاب محطات البنزين ومحلات تشحيم وتفريغ زيوت السيارات الذين عوض تجميع الكميات الكبيرة من الزيوت قصد توجيهها إلى مؤسسات الرسكلة يقومون بالتخلص منها على مستوى المجاري المائية، وهو ما كان في السابق يهدد بالتلوث البيئي ولحسن الحظ بات في الوقت الراهن محل معالجة.
التخلص من مخلفات المياه القذرة تحت حراسة أمنية مشددة أما عن كميات النفايات المفصولة عن الماء أو ما تعرف ب"الحمأة المميّهة" والتي تسجلها يوميا محطات التطهير والتصفية بأكثر من 150 طن، فيتم التخلص منها على مستوى مراكز الردم التقني، وفي ذات النقطة فإن عملية نقلها تتم عبر "حراسة أمنية مشددة" من قبل أعوان المؤسسة لتفادي إلقائها في أماكن أخرى بسبب احتوائها مواد سامة تضر بالأراضي الفلاحية، كون هذه المخلفات تستدعي معالجة خاصة وطريقة استثنائية لردمها حتى يتم التخلص من مخاطرها. وقبل التخلص منها - يضيف مسؤول الوحدة -، فإن الكميات من مخلفات المياه القذرة تمرر عبر مراكز تثخين ومن ثم تعصر تلك المخلفات من اجل التخلص من الماء، حتى تفصل بشكل نهائي، مشيرا إلى أن هذه المخلفات بالإمكان استغلالها لإنتاج الغازات أو الطاقة الكهربائية، وبالتالي إيجاد طاقات بديلة عن الطاقات الحالية.
المياه المعالجة لسقي المساحات الخضراء والملاعب وتطهير الشوارع وبخصوص المياه المستعملة، سفيان حراوي مسؤول محطة التصفية، فإن هذه المياه المعالجة لا تشكل أي خطر على صحة الإنسان، بعدما يتم التخلص من 97 بالمائة من السموم والتلوثات، وتصلح للاستغلال في كل المجالات سواء سقي المساحات الخضراء أو تطهير الأراضي والشوارع وغير ذلك. وأضاف في ذات الصدد، أن المؤسسات الولائية المختصة في الاعتناء وتسيير المساحات الخضراء والحدائق والمساحات الغابية باتت تستغل المياه المستعملة من اجل سقي المساحات الخضراء بالعاصمة، نظرا للفوائد الكبيرة لهذه المياه المعالجة على النمو السريع للحشائش الخضراء، فضلا عن قيام بعض المؤسسات الولائية بملء خزاناتها قصد تطهير وتنظيف مختلف الأحياء والشوارع الكبيرة للعاصمة، بهدف الحفاظ على المياه الصالحة للشرب وتقليص كميات استغلالها، وجعلها فقط للاستعمالات اليومية. ومن المنتظر أن يتم ربط ملعب براقي الجديد الذي سيتم افتتاحه شهر جوان المقبل، بأنبوب لسقي أرضية الملعب وكافة الملاعب والملاحق التابعة له، وهو وما سيعود بالفائدة عليه