يبدو أن حرب المفرقعات هذه السنة ستكون أكثر اشتعالا، بعد اجتياح السوق الجزائرية قبل أسبوع من المولد النبوي، بأنواع جديدة من الألعاب النارية و"محارق" الصواريخ والقنابل ذات الطلقات المتعدّدة وشدة الانفجار ومختلفة الأضواء والروائح.. من "الكوبرا" والبوق بشدة 8 طلقات إلى مفرقة "الكيلي" التي تنفجر أرضا ثم تصعد وتنفجر في السماء و"المانونة" الأكثر قوة في دوي الانفجار وصولا إلى "الباتري" التي تحتوي على 60 طلقة مدوية في السماء وهي الأكثر إقبالا من طرف الأطفال والشباب وحتى المترشحين للمحليات الذين يحضرون بفوزهم في الانتخابات.. تزامن الاحتفال بالمولد النبوي مع حالة التقشف وتدني الدينار والتهاب الأسعار، ودخول شريحة واسعة من الجزائريين في دائرة الفقر، فرغم كميات المفرقعات والألعاب النارية التي تم حجزها على مستوى ميناء الجزائر وعند بعض الباعة الفوضويين، والتي تقدر بالملايير، إلا أن ذلك لم يثن شبابا وحتى كهولا على خوض تجارتها والربح منها خاصة وأنهم يدركون جيدا أنه يوجد جزائريون باتت عندهم أهم من الخضر والفواكه في احتفالات المولد النبوي.
المفرقعات.. تجارة سوداء تفرض منطقها ما إن بقيت 10 أيام عن الاحتفال بالمولد النبوي، حتى ترى شبّانا أغلبهم من البطّالين، يتسارعون إلى نصب طاولاتهم بالقرب من المساجد، وفي الساحات العمومية ووسط الأحياء الشعبية والأسواق، لعلهم يحققون أرباحا قد تسد حاجياتهم بهذه التجارة الموسمية والتي رغم أن السلطات الجزائرية حاولت التضييق عليها ومحاربتها بشتى الطرق، إلا أنها فرضت نفسها في السنوات الأخيرة وأضحى الإقبال على المفرقعات والألعاب النارية ضرورة يفرضها الأطفال على أوليائهم. في سوق جامع اليهود بساحة الشهداء، عبّر باعة المفرقعات عن تذمرهم من حملات التضييق على هذه التجارة، حيث أكدوا أنهم تأخروا في عرض سلعهم مقارنة بالسنوات الأخيرة وأن أغلبهم اضطروا لبيع كميات قليلة خوفا من حجز سلعهم. وقال المدعو "زهير"، إن الكثير ممن سماهم ب"الزوالية" يقتاتون من هذه التجارة، وتأسف لعدم توفر أنواع من المفرقعات والألعاب النارية الجديدة والتي كان من المفروض أن تدخل السوق الجزائرية هذه الأيام. وفي حسين داي، اشتكى الكثير من الشباب والذين وجدوا في تجارة المفرقعات هذه المرة فرصة لربح المال، من تصرف بعض المسؤولين وقالوا إننا ضحية للعبة الكبار، والذين يأتون بهذه المفرقعات من الصين ويوزعونها عليهم، وفي الأخير تصادر السلع من طاولاتهم. وأخبرنا أحدهم أن أحد أصدقائه صودرت له مفرقعات وألعاب نارية كان سيعرضها للبيع في ساحة جامع اليهود بالجزائر الوسطى، تبلغ قيمتها ما يقارب مليار سنتيم.
"جامع اليهود".. هنا تباع أخطر المفرقعات ومن خلال جولتنا الاستطلاعية عبر أحياء شعبية وفي السوق الشعبية بساحة الشهداء "جامع اليهود"، رصدنا أنواعا جديدة لمفرقعات قوية التفجير وألعاب نارية شديدة الاشتعال ومختلفة الألوان والروائح، وهي مطلوبة في احتفالات صاخبة وسهرات ليلية إلى الفجر.. "الكيلي" و"مانونة" و"كوموندوس" و"النمرة" و"بوق 8 طلقات" كلها مفرقعات قوية الانفجار يستغرق دويها لفترات زمنية متفاوتة، أضف إليها متفجرات أخرى أطلق عليها "التيتانيك" و"الكوبرا". وأوضح أحد باعة سوق جامع اليهود بالعاصمة، أن هذه المفرقعات عرفت إقبالا من طرف المواطنين بمجرد عرضها، حيث شدت نظر وإعجاب حتى الكبار. وقال بائع يدعى منير إن سيدة يبدو عليها أنها غنية نوعا ما، اشترت منه ما قيمته مليون سنتيم و6 آلاف دج من المفرقعات والألعاب النارية لأبنائها، فيما اشترى منه أحد الشباب ما يفوق 10 ملايين سنتيم من هذه السلع ليعيد بيعها لأهله وجيرانه. وعن التسميات الغريبة لبعض المفرقعات، أكد هؤلاء الباعة الذين تحدثنا إليهم في سوق "جامع اليهود"، أن مفرقعة "مانونة" تنسب إلى جبل في الصين و"كيلي" هي أيضا اسم لمنطقة في هذا البلد. ويبلغ سعر الأولى 900دج والثانية 650دج، وكلاهما تحدث انفجارا مروعا حسب ذات الباعة. ورغم غياب بعض أنواع المفرقعات وهي الأقل دويا، فإن أكثرها شدة في التفجير أصبحت مطلوبة ومتوفرة على طاولات الباعة الفوضويين، حيث لا تزال "داعش" و"مرقازة" حاضرة بين المفرقعات. مفرقعات تتراوح بين 40دج و1000دج، وتتعدى بعضها ذلك حيث توجد مفرقعات شديدة المفعول وهي مخصصة للاحتفالات الكبيرة ومنها ما يسمى "الباتري" وهي أشبه ببطارية تحوي 60 طلقة في السماء، لقيت إقبالا من طرف بعض المناضلين في مختلف الأحزاب، حسب ما أكده لنا بائع للمفرقعات في ساحة "جامع اليهود"، وهذا استعدادا للاحتفال في حال نجاح مترشحي أحزابهم في الانتخابات المحلية ويبلغ سعر هذه "الباتري" 1800دج.
مفرقعات من الصين وأغلفة جزائرية بصور لاعبين وعناوين أفلام ومسلسلات ومن الملاحظ هذه المرة، أن تجار المفرقعات والألعاب النارية، جعلوا من أغلفة بعض المفرقعات العادية وسيلة لاستقطاب الزبائن وإغراء الأطفال وهذا حسب ميول واهتمام المجتمع الجزائري، حيث أكد أحدهم للشروق، أن العلب التي تحوي مفرقعات ذات الحجم الصغير، تصنع في الجزائر وتطبع عليها أسماء أو صور لشخصيات وعناوين أفلام وعبارات لمسلسلات. وبعد أن عرفت العام الماضي بعض المفرقعات باسم اللاعب الجزائري "رياض محرز"، بدأ التسويق هذا العام لمفرقعات اللاعب الدولي الجزائري "براهيمي" واللاعب الدولي البرازيلي "نيمار". كما أطلقت على بعض المفرقعات اسم "أرعد" وهي كلمة كانت تردد في مسلسل عاشور العاشر، وحملت علب لنوع من المفرقعات اسم "تيتانيك"، وهي كلها أسماء يحاول أن يجلب من خلالها تجار سوق المفرقعات في الجزائر، الأطفال والمراهقين.