تصوير: يونس أوبعييش لو علم المختصون بشأنه لحوّلوا قصته إلى سيناريو مميز ينافس الدراما المكسيكية في تداخل الأحداث، والدراما التركية في الحبكة والسينما الهوليودية في الصناعة، نجاري محمد.. شاب معوق، متزوج وله ابنتان، يعيش في الشارع، مطالب بتثبيت زواج عرفي من امرأة يقول أنه لا يعرفها.. والبقية ستأتي بعد الخبرة الطبية.. ارحموا إعاقتي وامنحوني سكنا أنتشل فيه أسرتي من الشارع أعيش وابنتاي وأمهما في الشارع.. هل من سكن أكد الشاب محمد نجاري، أحد قاطني بلدية بودواو ببومرداس حسب شهادة الإقامة التي يحملها معه، أنه يتخذ وعائلته المتكونة من الزوجة والبنتين ريمة وهديل من الشارع مسكنا، حيث يسكن في إحدى "البراكات" التي تحفهما أسلاك الكهرباء من كل جهة، وهي لا ترقى حتى "لرمي النفايات" يقول نجاري، مضيفا أنه بسبب حالته الصحية التي لا تسمح له بتوفير سكن لائق جعله يلجأ لأحد المحسنين، وهذا الأخير بدوره وفر له المساحة التي يسكنها اليوم والمتكونة حسبه من غرفتين مهدمتين ومهددتين بأسلاك الكهرباء من كل جهة وبالسقوط في أي لحظة على ساكنيه، "براكة" يقول عنها إنها تفتقد لأدنى شروط الحياة، وخالية من أي أثاث، وعلى إثر هذا الوضع المأساوي يطالب نجاري السلطات المعنية منحه سكنا يأويه وعائلته ويحفظ كرامته، خاصة وأنه يحمل شهادة إقامة بهذه البلدية ولا يملك حتى تلك "البراكة" التي يسكنها، فهي كما سلف ذكره منحها له أحد المحسنين وفي أي لحظة قد يأخذها منه. الرٍجل مبتورة.. داء السكر.. ودون أي إعانة يعيش الشاب نجاري وحسب الوثائق الطبية التي زودنا بها حالة صحية سيئة، ومعاناته لا تنتهي بين المستشفى وبين الفقر الذي يعيشه، فقد رجله وهو في الثامنة من عمره إثر وخزة مسمار دخل رجله، ولأنه مصاب بداء السكري وبعد تطور وضعه وتفاقم ألمه، لم يجد الأطباء من حل سوى بتر الرجل المعنية، مما تسبب في انفصاله على الدراسة والحياة في المجتمع، ومنذ ذلك اليوم وهو يحاول التكيف مع الحياة الجديدة، ولأن إمكاناته الجسدية لا تسمح، فقد تلقى المتحدث حسب ما أدلى به للشروق صعوبات جمة في استمرار حياته، واشتغل لفترات طويلة حارس سيارات في "باركينغ" بعين طاية وفي عدة أماكن أخرى، وبسبب الحالة الصحية المتدهورة يوما بعد آخر فهو يدخل للمستشفى بين الفينة والأخرى، تاركا ابنتيه وزوجته وحيدتين في شبه منزل. هذا الوضع في كفة وحالته الاجتماعية الإدارية في كفة ثانية، حيث لا يملك لا شهادة معوق، ولا تأمين، ولا أي مدخول يساعده في قضاء حوائجه. "ذهبت شاهدا فتورطت في قضية زواج عرفي" يؤكد محمد نجاري أنه لا يعرف أي امرأة أخرى غير زوجته، ولم يقم أي علاقة مهما كان نوعها مع أي امرأة، وكان يعيش في سلام بالرغم من صعوبة وضعه، لغاية تلقيه استدعاء من محكمة بودواو للحضور، وهناك اكتشف الغلطة التي ارتكبها سابقا.. تعود خيوط هذه القصة حسب ما رواه لنا نجاري إلى فترة عمله بعين طاية، حيث كان يعمل بالقرب من إحدى العائلات، مراعاة لحالته الصحية، كان شابان من تلك العائلة يأخذون له الأكل أو يعرضانه في منزلهما، حتى نشأت بينهم علاقة متينة، "ومرت الأيام وغاب الأخوان فاتصلت بي أختهم طالبة مني أن أرافقها رفقة سائق سيارة الأجرة للمستشفى وهناك طلبت مني بطاقة الهوية الخاصة بي"، مضيفا أنها طلبتها منه، لأن إدارة المستشفى طلبت منها حضور شاهد وهو لم يعرف لم هذا الطلب، غير أنه اكتشف لاحقا أن هذه الفتاة سجلت الطفلة باسمه، وطالبته فيما بعد بالاعتراف بها كابنة له، وبأنه كان متزوجا عرفيا بها مقابل شراء سكن له، ولأنه رفض ذلك هددته بوثيقة المستشفى مرارا وتكرارا وانتهى به الأمر في أروقة المحاكم.. ولتتبع الشروق القضية حضرت الجلسة وعادت بمقرراتها.. المحكمة تؤجل النطق بالحكم وكل شيء متوقف على نتائج الحمض النووي أجلت محكمة بودواو في إحدى جلساتها صباح نهاية الأسبوع الماضي، قضية الشاب محمد نجاري المتعلقة بإثبات زواج عرفي والاعتراف بعلاقة زوجية أفضت إلى الإنجاب، في الوقت الذي رفض فيه المتهم الاعتراف بالعلاقة الزوجية وطالب بخبرة طبية لإثبات الزواج، وتمسك غريمته بالاعتراف بحملها وإثبات زواجها. وأجلت هيئة المحكمة القضية التي اتهم فيها "محمد.ن" وأرجات النظر فيها إلى يوم 13 من شهر جويلية الحال، لاستيفاء إجراءات التحقيق، وكانت هيئة المحكمة قد فتحت ملف القضية سالفا واطلعت على التماسات الأطراف بما في ذلك المدعي وهي فتاة تناهز العشرين، طالبت المتهم أن يعترف بالعلاقة الزوجية التي كانت تربطه بها ما أدى إلى الحمل منه، ملتمسة بذلك إثبات هذا الزواج العرفي وتحميل المدعى عليه ما ترتب عنه. من جهته المتهم في هذه القضية كان قد رفض الاعتراف بهذه العلاقة ونفى اتصاله بالفتاة وطالب بتبرئة ساحته من التهم المنسوبة إليه، متمسكا في ذلك ومن خلال دفاعه بضرورة إجراء خبرة طبية أساسها تحاليل حمض "الآ، دي، آن" للتأكد من عدم وجود العلاقة.