الانتداب في قطاعي المحروقات والتربية ينتهي بالتقاعد أو الوفاة رفض الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين سيدي السعيد الخوض في موضوع الانتداب في قطاع الوظيف العمومي والقطاع الاقتصادي إلى ما بعد عطلته السنوية للعام الجاري وصيامه لشهر رمضان الذي ينتهي هذه السنة مع الدخول الاجتماعي القادم. * وقال مصدر مقرب من الأمين العام للمركزية النقابية، في تصريح ل"الشروق"، إن المشاكل الحادة التي يطرحها هذا الملف الشائك تقف وراء هذا التأجيل إلى ما بعد رمضان القادم، فضلا عن الصراعات التي قد يخلفها فتح هذا الملف في هذه الظروف وعلى رأسها الخلافات الحادة مع النقابات الحرة حول تسيير أموال الخدمات الاجتماعية والامتيازات التي تمثل عصب الحرب في تسيير موضوع الانتداب في قطاع الوظيفة العمومية والقطاع الاقتصادي. * وتحدد شروط الانتداب كما وردت في الباب السادس من الأمر رقم 06-03 مؤرّخ في 19 جمادى الثانية عام 1427 الموافق 15 يوليو سنة 2006، المتضمّن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، في مادته ال127 التي يحدد الفصل الثاني منها وضعية الانتداب، الذي تعرفه المادة 133 من نفس القانون بأنه »حالة الموظف الذي يوضع خارج سلكه الأصلي و/أو إدارته الأصلية مع مواصلة استفادته في هذا السلك من حقوقه في الأقدمية وفي الترقية في الدرجات وفي التقاعد في المؤسسة أو الإدارة العمومية التي ينتمي إليها«، فضلا عن أن الانتداب يكون قابلا للإلغاء، على عكس مما هو سائد على أرض الواقع في الجزائر، نتيجة التجاوزات الخطيرة المسجلة في هذا المجال سواء تعلق الأمر بالوظيف العمومي أو بالقطاع الاقتصادي مع وجود عمالا وموظفين تم انتدابهم قبل 25 سنة ولم يعودوا إلى مناصبهم الأصلية. * * الحفاظ على العهدة أولى من الدفاع عن مصالح العمال * وتحدد المادة 134 من ذات القانون أصناف الانتداب بقوة القانون لممارسة مهمة من المهام التالية عندما يتعلق الأمر بوظيفة عضو في الحكومة أو مزاولة عهدة انتخابية دائمة في مؤسسة وطنية أو جماعة إقليمية، أو وظيفة عليا للدولة أو منصب عالٍ في مؤسسة أو إدارة عمومية غير تلك التي ينتمي إليها، أو عهدة نقابية دائمة وفق الشروط التي يحددها التشريع المعمول به، أو متابعة تكوين منصوص عليه في القوانين الأساسية الخاصة، أو تمثيل الدولة في مؤسسات أو هيئات دولية، أو متابعة تكوين أو دراسات، إذا ما تم تعيين الموظف لذلك من المؤسسة أو الإدارة العمومية التي ينتمي إليها، على أن يكرس الانتداب بقرار إداري فردي من السلطة أو السلطات المؤهلة، لمدة دنيا قدرها ستة (6) أشهر ومدة قصوى قدرها خمس (5) سنوات، كما تنص عليه المادة 136 من نفس القانون، على أن يعاد إدماج الموظف في سلكه الأصلي، عند انقضاء مدة انتدابه، بقوة القانون ولو كان زائدا عن العدد، حسب المادة 138، ولكن هذا لا يحدث إلا في حالات نادرة من بين المئات من العمال المنتدبين الذين يتم انتخابهم في البداية على المستويات النقابية الإقليمية والولائية والوطنية ويتراوح عدد المكاتب المنتخبة بين 3 و7 منتخبين، يتحوّل معظمهم بمجرد الحصول على الانتداب من مدافعين عن حقوق العمال إلى محاربين أشداء من أجل الحفاظ على العهدة مهما كان ثمن البقاء إلى يوم التقاعد أو الوفاة، على اعتبار أن شرط السن يصبح غير مطروحا في حالة الانتداب، حيث يوجد من تجاوز سن ال70 سنة ولم يحل على التقاعد. * * القطاع الاقتصادي أكبر المتضررين من بدعة الانتداب * وكشف نقابيون ونواب سابقون في المجلس الشعبي الوطني، تحدثت إليهم »الشروق«، أنهم لا يعرفون موظفا أو عاملا في القطاع الاقتصادي سبق انتدابه عاد إلى منصبه خلال المدة المنصوص عليها قانونا والتي تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات من بين أزيد من 1200 منتدب، مشددين على أن أغلب الذين استفادوا من حالات انتداب خلال العشرين سنة الأخيرة على الأقل لم يكترثوا إطلاقا بالعودة إلى مناصبهم الأصلية في الإدارة العمومية أو القطاع الاقتصادي، بعد اكتشافهم للمنافع والامتيازات التي لا تعد ولا تحصى وخاصة في القطاعات التي تتوفر على إمكانات مادية هائلة في مجال الخدمات الاجتماعية وعلى رأسها شركة سوناطراك وشركة سونلغاز والبنوك والمؤسسات المالية العمومية والتربية والتكوين والتعليم العالي والصحة وبعض فروع الإنتاج الصناعي التي تتوفر على صحة مالية جيدة بسبب حرب داحس والغبراء على تسيير أموال الخدمات الاجتماعية والاستحواذ على امتيازات المنصب التي تتراوح بين السيارة والهاتف ووضع اليد على مناصب شغل ومنحها للأحباب والأقارب والأصحاب والأبناء، وإمكانية الحصول على ترتيب جيد في قائمة انتخابية لعهدة نيابية في البرلمان بغرفتيه. * ويتكون مجلس نقابة »سوناطراك« من 80 عضوا، مقابل 50 عضوا بالنسبة لمجلس نقابة سونلغاز، فيما يتكون مكتب المجلس لكل منهما من 7 أعضاء يمكن انتدابهم جميعا، وفق ما تشير إليه المادة 41 من القانون 90/14 المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي، والتي تحدد عدد المندوبين على أساس عدد الأجراء، ويتراوح العدد بين مندوب واحد إذا كان عدد العمال أقل من 150 أجير، و2 عندما يكون أقل من 400 عامل و3 عندما يكون عدد الأجراء أقل من 1000 و7 عندما يكون العدد أقل من 4000 أجير و9 مندوبين عندما يكون عدد الأجراء أقل من 16 ألف و11 مندوبا لأكثر من 16 ألف أجير، وهو ما يصنع قوة فيدراليات »سوناطراك« و»سونلغاز« وفدراليات التربية والتعليم والصحة والنقل السككي، وعمال الميكانيك. * وأوضح مصدر نقابي رفيع أن المركزية النقابية، تطبق القانون 90/14 المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي، على طريقة »..ويل للمصلين..«، وخاصة في مادته ال41 التي تحدد عدد المندوبين لتمثيل العمال، وكذا في الجانب المتعلق بالانتداب واحترام مدة الانتداب واحترام الجوانب المتعلقة بمنع تعدد المناصب من طرف العامل أو الموظف الواحد، مضيفا أن أحد رؤساء الفدراليات الوطنية يجمع بين 9 وظائف في نفس الوقت على مستوى المركزية النقابية وعلى مستوى الشركة التي يشتغل بها وعلى مستوى صندوق الخدمات الاجتماعية لذات الشركة. * وأكد نائب برلماني سابق في تصريح ل»الشروق«، أن التسيير السيئ لملف الانتداب في قطاع الوظيف العمومي أو القطاع الاقتصادي وانتشار ظاهرة المحسوبية والرشوة والفساد في هذا المجال بالتحديد، هو السبب الرئيسي لتراجع الأداء النقابي في الجزائر، مما ألحق أضرارا كبيرة بالمصالح الاقتصادية العليا للبلاد، وخاصة في بعض القطاعات الاستراتيجة ومنها قطاع المحروقات وصناعة الحديد والصلب، حيث نجحت شركات أجنبية في تفتيت قطاعات صناعية جزائرية بدون أدنى تحرك من الشريك الاجتماعي الذي أصبح لا يؤتمر إلا بأمر الحكومة، وكأنه ملحقة للحكومة وليس شريكا لها، مضيفا أن هذه الوضعية تخدم مصالح النقابة ومصالح الحكومة، حيث تلجأ الحكومة بالتلويح بهذه الورقة للنقابة كلما حاولت تمرير ملف من الملفات، لعلمها أن جل النقابيين المنتدبين يوجدون في وضعية غير قانونية من سنوات، وهي نفس الورقة التي تلوح بها الأمانة الوطنية للإتحاد ضد المنتدبين الذين تسوّل لهم أنفسهم شق عصى الطاعة أو رفض مطالب المركزية أو بعض التوجيهات الواردة من الحكومة، وعادة ما تكون الحجة جاهزة وهي تذكير المنتدبين بأن عهدتهم منتهية يجب تجديد الانتخاب، وهو ما يدفع بالمنتدبين إلى الرضوخ المطلق.