لم تحقق البرامج الدينية الصدى الذي عوّدتنا عليه السنوات الفارطة؛ إذ أن أكثر البرامج رواجا وتتبعا من طرف المشاهدين هما برنامجي"خواطر" و"الحقيقة"؛ نظرا للمقارنة التي يضعانها بين المسلمين من أجناس أخرى والمسلمين بالوراثة، وقد استطاعت قناتا"الرسالة" و"اقرأ" المتخصصتان أن تحافظا بهما على مكانتيهما الريادية من بين القنوات الدعوية في العالم العربي . * تدعّمت قناتا"الرسالة" و"اقرأ" في رمضان 2010 بمجموعة من البرامج الدعوية التي حاول منتجوها إلباسها حلّة جميلة تمكن المشاهدين من متابعتها والاستئثار بها دون غيرها، وهذا ما سمح أكثر لقناة"اقرأ" باستعادة جزء هام من جمهورها الذي تحول إلى قناة"الرسالة" قبل أربع سنوات . واستقطبت القناة هذا الموسم ثلّة من الدعاة والعلماء ببرامج مميزة، يأتي على رأسها برنامج"الحقيقة" في جزئه الثالث للداعية راشد الزهراني، حيث يتابع الإسلام في روسيا والأقاليم المحررة منها، والممارسات الدينية في القطب الشمالي المتجمد وكيفية حفاظ أهله على التعاليم الإسلامية، كما يتابع معهم طرق التعبد وتمسكهم بها مع الصعوبة التي تطبعها لاختلاف اللغة . وكذا برنامج"المصارع" للداعية محمود المصري، الذي وضع النفس البشرية في صراع مع كل الأخلاق السيئة، أما الداعية مصطفى حسنى فاختار إدخال هذه الأخلاق الحميدة في منظومة تربوية بنى لها"مدرسة الحب"، التي لا يختلف في تدريسه فيها عن الداعية عمرو خالد. وانضم إلى فريق"اقرأ" لأول مرّة الدكتور أحمد الكبيسي في برنامجه"وبشر المؤمنين"، ومن جملة الكبار أيضا نذكر الدكتور محمد جمعة في"نور الحق"، والدكتور يوسف القرضاوي في"فقه الحياة"، و"دعوة للفرح" للدكتور عائض القرني، و"نهاية العالم" مع الداعية محمد العريفي، والوجه النسوي الوحيد على القناة هي الدكتورة رفيدة حبش في برنامجها " أيام مع الحبيب" . أما قناة"الرسالة" فقد ضمنت مكانتها لهذه السنة في حصة المشاهدة لدى جمهورها من خلال برنامج"خواطر" لصاحبه أحمد الشقيري، الذي نجح في جعل الكثيرين يراجعون أنفسهم إن كانوا هم المسلمون أم غيرهم من سكان البلدان الغربية"الملحدة"، وذلك من خلال جولات المقارنة التي خاضها العام الفارط في اليابان، والتي يتجلى فيها التزام تلك الشعوب بالأخلاق الإسلامية رغم إلحادها، والعكس حيث يخرج المسلمون عن أخلاق هذا الدين الذي ورثوه ولم يفقهوه . أما برنامج"رحلة للسعادة" لصاحبه الداعية عمرو خالد فلم يلق الإقبال الذي عرفته برامجه السابقة ك"ونلقى الأحبة" و"على خطى الحبيب" أو"الجنة في بيوتنا"، لأن هذا البرنامج لم يحمل الجديد الذي توقعه محبو الداعية، ورأوا فيه نسخة طبق الأصل من النصائح التي كان يوجهها إليهم، إلا أنها في هذه المرة جاءت خارج الأستوديو . وإن كانت"اقرأ" سألت متتبعيها عن رضاهم عن برامجها وأجاب 93 بالمئة منهم إيجابا، فإن"الرسالة" سألتهم عن نوعية البرامج التي يريدون متابعتها، فكانت 50 بالمئة نسبة من يريدون متابعة برامج السيرة والتاريخ، و33 بالمئة يفضلون البرامج الخاصة بالقرآن والحديث، و17 بالمئة فقط من تهتم بالفقه والفتاوى . وما زالت قناة"الراية" تحاول إيجاد مكان لها بين هاتين القناتين، من خلال عرض حلقات لمشايخ ودروس، إلا أنها لا تزال بعيدة عن مجال عرض البرامج الحيوية التي يبحث عنها الجمهور المتعطش للمادة الدينية المجسدة على أرض الواقع.