النجمة العراقية الدكتورة سحر طه حظيت "الشروق" بلقاء خاص مع الدكتورة الفنانة سحر طه، على هامش مشاركتها في البرنامج الذي ينظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام لإحياء ليالي الشهر الفضيل بقاعة الموڤار وعدة مدن جزائرية، لتمنحنا الفنانة في زيارتها الأولى للجزائر هذا الحوار المميز الذي بدأناه بفرحة الحضور وإلى الجزائر واختتمناه بدموع المرأة العربية الموجوعة لجراح وطنها الأم العراق. دكتورة سحر كيف كان شعورك وأنت تتلقين دعوة الديوان لزيارة الجزائر لأول مرة في مشوارك الفني الطويل؟ بالتأكيد لا يوجد فنان في العالم لا تراوده فكرة زيارة الجزائر والغناء للجمهور الجزائري لأنه جمهور عريق ويصغي بأذن جيدة، ولديه ثقافة بالموسيقى العربية بشكل عام، ومستمع جيد، فلذلك الوقوف أمام هذا الجمهور شيء مهم بالنسبة لي ومسؤولية ورهبة في آن واحد، خاصة وأننا نحن في العراق ومنذ نعومة أظافرنا كنا نعرف الفن الجزائري من خلال التلفزيون العراقي آنذاك، فليس هناك من لا يعرف الفنان القدير رابح درياسة وأسماء أخرى عديدة صنعت أمجاد الأغنية الجزائرية، وسيبقى بالنسبة لنا الجزائر بلد عريق في التاريخ في السياسة في الأدب في الاستقلال في كل شيء إنه بلد الشهداء، وكل إنسان يتمنى زيارته والتقاء جمهوره، خصوصا ونحن في مناسبة مثل رمضان الذي أهنئ من خلاله الشعب الجزائري وأتمنى من الله أن يعيده عليه بالسلام والأمان والصحة والاستقرار. أين تجد الفنانة سحر نفسها في الساحة الفنية العربية التي تعيش اليوم ثورة في الإعلام والترويج للفن الاستهلاكي التجاري على حساب الفن الأصيل؟ القليل جدا اليوم من القنوات والإعلام يروّجون للفن الأصيل، ربما في بلد مثل الجزائر لا يزال بعض الضوء يلقى على الفن الأصيل، وما يحمله من تقاليد، لكن في بلدان أخرى أصبح الفن مسطح يشبه بعضه البعض وأهمل التراث وأهمل الفلكلور، لكني لازلت من الناس المتمسكين بالفن الأصيل، ولكوني عراقية تقيم في لبنان لثلاثين سنة صار عملي جهادا في سبيل الحفاظ على الهوية التراثية والفلكلورية في الفن والغناء والموسيقى، نجاهد من أجل أن يبقى أولادنا يستمعون إلى هويتنا الحقيقية ليس إلى الفن المهجن الذي لا علاقة له تقريبا بالأصالة والجذور، خاصة وأنه لدينا قنوات إعلامية تروّج لنوع واحد، وهو النوع السائد والاستهلاكي التجاري من الفن، لنبقى نحن رواد الفن الأصيل نعاني من الإهمال من قبل هذه القنوات، ليبقى العدد القليل من القنوات يلقي بعض الضوء من حين لآخر على ما نقدمه في طريق سرنا فيها بقناعاتنا ولأنه ليس الهدف أو الهاجس هو الشهرة أو المال أو النجومية لكن الهدف أن يبقى أولادنا وأحفادنا على تواصل ومعرفة بجذورنا وهويتنا العربية. تعدت الفنانة سحر طه المحلية وأدت العديد من الأغاني من التراث العربي والعالمي لتحدثينا عن كيفية كسرك للحدود؟ هو يعني ليس فني عالمي بقدر ما أنا أركز على الموسيقى والمقامات العربية، ممكن أن آخذ قصائد من كل شعراء العالم، وخاصة المترجمة إلى اللغة العربية والتي تحاكي مجتمعنا وواقعنا والقضايا الكبيرة التي نعيشها، فمثلا لحنت وأديت قصائد للشاعر والفنان الألماني المعروف غونتر غراس الحائز على جائزة نوبل سنة 1999، وقدمت هذه القصائد العشرة بحضوره في اليمن أثناء تكريمه وكانت شهادته لي وإعجابه بهذا الإنجاز مفخرة لازلت أعتز بها، ولأن هذه القصائد صارت تنتمي للهوية العربية في اللحن والأداء، لا أدري إن يحق لي أن أسميها عالمية، لذلك فإن أي شيء يمكن أن يحمل قضية تهمنا كعرب يمكن أن أقدمه دون تردد، وقد قدمت قصائد من البحرين ولبنان والعراق وأيضا قصائد للمتصوفين القدامى والجدد. هل تفكر الفنانة في آداء قصائد أو أغاني من التراث المغاربي بشكل عام والجزائري بشكل خاص؟ أتمنى أن يأتي يوم تكون الأغنية المغاربية والجزائرية سائدة في العالم العربي، كما سادت اليوم الأغنية الخليجية، أعتقد فقط أن الأغنية المغاربية تحتاج إلى إعلام وإلى شركات إنتاج قوية تنشر هذا الفن الجميل الرائع المبدع الذي فيه خصوصية لافتة، ويقدم لنا كعالم عربي، لأنني في الحقيقة أعشق سماع الأغنية الجزائرية، ولكن لا أجدها إلا في النات إذا بحثت عنها، لماذا لا توجد أسطوانات في أسواقنا العربية للفن الجزائري الجميل الأصيل، هناك عقدة يجب حلها في هذا المجال هل هو التقصير من الفنان الجزائري أم هل هو تقصير الإعلام الجزائري أم هو تقصير من كل الجهات، نحن نحتاج سماع الأغنية الجزائرية في العالم العربي، أما في حفلاتي هنا بالجزائر فسأقدم أغنية جزائرية وأتمنى أن تنال رضا الجمهور رغم اختلاف اللهجة والإيقاع لكنها تبقى محاولة مني كتحية للشعب الجزائري الذواق. العراق في قلب كل عربي مخلص وأنت ابنة هذا الوطن الشقيق الطيب العزيز على قلب كل جزائري كلمة لك من الجزائر إلى العراق. كل قصائدي كل ألحاني للعراق الذي يجري في دمي رغم أنني أعيش في لبنان منذ ثلاثين سنة، لكنني لازلت أتنفس العراق وكل كلمة وكل نغمة هي لبلدي العراق، وأكثر شيء قمت به في السنوات العشر الماضية هو الغناء للقضية العراقية بكل أنواعها فليس بالضرورة على الفنان أن يقدم الأغنية الوطنية بلحن عسكري لأن كل أغنية تتحدث عن شيء بسيط قد تعكس حجم الوطنية من سماء العراق إلى نخلة العراق. (تجهش بالبكاء) أنا نذرت كل غنائي لبلدي، وأتمنى إن شاء الله أن يكون رمضان المقبل شهرا للحرية والسلام، طالما أن رمضان هذه السنة مرّ.