في جو لم يخل من بعض الحساسيات السياسية، شهدت مدينة مستغانم انطلاق الطبعة التاسعة والثلاثين للمهرجان الوطني لمسرح الهواة الذي أصبح جزءا من التقاليد الثقافية للمدينة. مبعوث الشروق إلى مستغانم: سعيد جاب الخير العرض الافتتاحي بعنوان (المداح ذاكرة النسيان) الذي كتبه وأخرجه أحمد بلعالم، جعل جمهور القاعة الزرقاء لدار الثقافة ولد عبد الرحمن كاكي، يستعيد ذاكرة المدينة على الخشبة من خلال شخصية (المداح) ذات الوقع الخاص في موروثنا الثقافي الشعبي، حيث وظف المخرج فضاء (الحلقة) التي يتوسطها المداح والتي طالما اشتغل عليها كاكي وعلولة حتى وإن كان الأول قد وظفها بمضمون إنساني والثاني وظفها بمضمون أقرب إلى الأيديولوجيا. وانطلقت العروض، مساء الخميس، داخل المنافسة الرسمية بالعرض الذي قدمته فرقة (الاربعاء ناث ييراثن) بعنوان (ثيمسث) أو النار، الذي يحكي معاناة الشعب الجزائري عبر تاريخه الطويل من ذل الاستعباد وشعلة الكفاح والنضال من أجل الحرية والانعتاق التي مافتئ الأحرار في هذا البلد يشعلونها حينا بعد حين. أما العرض الليلي فقد كتبه وأخرجه عبد الحميد بلخوجة وقدمته فرقة مسرح الشلف بعنوان (ضيوف السيناتور). وهو من الناحية الشكلية والسينوغرافية لا يخرج عن المسرح التقليدي (مسرح المدينة أو الكوميديا ديلارتي). أما من حيث المضمون فقد تعرض لمرحلة الأزمة الوطنية حيث استطاعت العديد من الشخصيات الانتهازية من (البقارة) على غرار (السيناتور شمامي) أن يتسلقوا سلم السلطة ويتحولوا إلى أحجار شطرنج بأيدي صانعي القرار الذين يورطون تلك (العرائس) ويبقون هم خلف الستار، حتى وإن لم تكن علاقاتهم الداخلية تخلو من الصراعات العصبوية. العرض تميز بقليل من الجد وكثير من الفكاهة جعلت الجمهور يتابعه رغم طوله حتى النهاية.