تراجعت الإدارة الأمريكية عن مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي كان يمتد من أفغانستان شرقا إلى موريتانيا غربا ويعبر عن نزعة توسعية مفضوحة لما سمي ب "الإمبراطورية الأمريكية"، لكنها عادت واقترحت مشروعا آخر لا يقل خطورة، ويتعلق الأمر بمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، يقوم أساسا على تغذية النزاعات الطائفية والدينية وجعل المنطقة كلها تحت رحمة إدارة واشنطن وحليفتها إسرائيل. رمضان بلعمري الملاحظ في المقترح الأمريكي الجديد الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في جولتها الأسبوع الماضي إلى لبنان وإسرائيل، هو عدم مراعاته من جهة لصداقات الولاياتالمتحدة القديمة كالمملكة العربية السعودية التي يستهدفها بشكل علني، ومن جهة أخرى فإن أصحاب المشروع لم يراعوا مطلقا قدرات بعض الدول في المنطقة كإيران، التي تم العبث في ترابها -على الخريطة طبعا- في وقت يتحدث العالم عن امتلاكها للسلاح النووي وإمكانية استعماله في حروب ليست حروبها، فما بالك إذا تعلق الأمر بوحدتها الترابية. وفي وثيقة تحصلت عليها "الشروق اليومي" من مؤسسة "حزام أسود" للاتصال التي قامت بترجمة لخريطة الشرق الأوسط الجديد نقلا عن موقع للقوات المسلحة الأمريكية، بالإمكان الاطلاع بسهولة على الوجه الجديد والمخيف الذي تريده القيادة العسكرية في الولاياتالمتحدةالأمريكية في منطقة الشرق الأوسط الحالي. وفي المقال الأصلي الذي كتبه "رالف بيترز" في المجلة الأمريكية وقامت بترجمته جميلة بوبيدي عن مؤسسة "حزام أسود" هناك قائمة بالبلدان المسماة رابحة وتلك المسماة خاسرة، وفي القائمتين خلط أسماء مكررة ليس معروفا ما هو الغرض من ذلك، وكمثال يعتبر أصحاب المشروع أن إسرائيل من الدول الخاسرة جراء التغييرات الجديدة المقترحة (!)، فأما البلدان الرابحة وفق مشروع الشرق الأوسط الجديد فهي: أفغانستان، شيعستان (دولة جديدة)، أرمينيا، أذربيجان، بلوشيستان الحرة (دولة جديدة)، كردستان الحرة (دولة جديدة)، إيران، الدولة الإسلامية المقدسة (مكة والمدينة)، الأردن، لبنان، اليمن. وأما البلدان الخاسرة فهي: أفغانستان، إيران، العراق، إسرائيل، الكويت، باكستان، قطر، السعودية، سوريا، تركيا، الإمارات العربية المتحدة. ومن بين أهم الملاحظات التي يمكن مشاهدتها في الخريطة (أنظر الخريطة في الصفحة ذاتها) أنه تم استهداف الوحدة الترابية بشكل كبير لكل من العراق التي اختفت تماما من خريطة العالم وتحولت إلى ثلاث دويلات طائفية ومذهبية (دولة كردستان الكبرى، سنيستان، شيعستان)، والمملكة السعودية التي تم فيها فصل مكة المكرمة والمدينة المنورة وأطلق عليهما اسم "الدولة الإسلامية المقدسة" على شاكلة دولة الفاتيكان في روما، وما بقي فيها أطلق عليه اسم أراضي وليس دولة!