الشيخ قال أنه لم يكن على علم بحضور سكارى الحضرة فتحت المحكمة الإبتدائية بشلغوم العيد بولاية ميلة ملف ما عُرِف بجماعة الحضرة الطيبية على الطريقة التهامية التي كانت قد استغلت مسكنا بأحد أحياء بلدية التلاغمة بذات الولاية وحولته لملتقى ليلي لأداء طقوسها الغريبة والتي تعتمد على سهرات صاخبة مما أثار انزعاج السكان المجاورين فتوبع شيخها وهو في الحقيقة شاب بتهمة الشعوذة وإقلاق راحة السكان بالضجيج. وحسب ما تردد سابقا وما دار في جلسة المحاكمة فإن القضية انفجرت مطلع الصائفة المنصرمة حينما أبلغ سكان حي أولاد اسمايل مصالح الدرك الوطني عن وجود مسكن في حيهم تحول لممارسة الشعوذة وصار يستقطب جموعا كبيرة من الناس والسيارات وينقلب ليلا لمصدر فوضى كبيرة وصراخات وطبول وأهازيج حرمت سكان الجوار النوم فتنقلت مصالح الدرك إلى عين المكان في حدود الساعة العاشرة ليلا، أين ضبطت بالفعل ما تم الإبلاغ عنه، حيث صادفت عددا معتبرا من السيارات مركونة أمام البيت الذي كانت تصدر منه أصوات مدائح وصراخات وضرب دفوف وطبول، كما كان بابه الرئيسي مفتوحا لعامة الناس مع وجود إقبال لأشخاص من مختلف الأعمار، وتم ضبط قرابة الثلاثين رجلا وثماني نساء بالداخل، والغريب في الأمر أن مصالح الدرك ضبطت أيضا شخصين كانا خارجين من البيت المذكور وهما في حالة سكر سافر، فتم توقيفهما رفقة صاحب البيت الذي اعترف بأنه هو من أقام ما وصفه بالحضرة وأحيلوا على العدالة، واعترف الشخصان البالغان من العمر 23 و25 سنة وهما من ذات البلدية أنهما فعلا قد احتسيا الخمر وقصدا ذلك البيت تلك الليلة بعد أن سمعا أنه يحتضن حفلات ليلية، وعندما وصلاه وجدا بابه مفتوحا وأمامه شخص يقوم بدعوة الناس للدخول فدخلا، أين وجدا عددا كبيرا من الأشخاص من مختلف الأعمار يقومون بالعزف على آلات موسيقية تقليدية وينشدون أهازيج من التراث مثل الرحابة وآخرون يرقصون بشكل هستيري فاندمجا معهم حتى جاء الدرك، ومن جهته أكد المتهم الرئيسي أي شيخ الحضرة وهو شاب في الرابعة والعشرين من عمره أنه لم يرتكب شيئا ممنوعا، بل كان يمارس حضرة مستوحاة من الزاوية الطيبية على الطريقة التهامية والهدف هو معالجة المرضى بالرقية وترديد الأذكار والضرب على الدفوف وذلك على شكل حلقة دائرية، حيث يوضع المريض بعد تغطيته في الوسط، فيما تتم رقية النساء في غرفة أخرى منفصلة عن الرجال، وأكد أن العديد من أتباع هذه الطريقة يأتون للحضرة للاستفادة من رقية الشيخ الأول للزاوية الطيبية التي يوجد مقرها الأصلي بقسنطينة وفروعها منتشرة في جيجل وقالمة وعنابة وعين مليلة، وغيرها، وكشف أنه يحفظ عدة سور تشكل ما مجموعه حزب واحد من القرآن الكريم، وبدأ أتباعه هذا الأمر منذ ثلاث سنوات، وحصل على شهادة الإجازة بصفة مقدم لخدمة الطريقة "التهامية المشوشية الشذولية الخلواتية المحمودية الوزانية الطيبية"، محررة من طرف شيخ الطريقة وكشف أنه كان قد طلب من سكان الحي المجاورين الإذن باستعمال الدف ليلا، لكنه لم يكن يعلم أن الأمر أزعجهم، كما لم يكن يعلم أن الشخصين الموقوفين معه كانا مخمورين وأصر أنه لم يقم سوى بالعلاج بالرقية، وهو ما ركز عليه دفاعه الذي أوضح أن هذه الظاهرة العلاجية معروفة جدا في المجتمع ومستحسنة لدى شريحة واسعة فيه وتسمى ب/التهوال/ وتستهدف المصابين بالأمراض النفسانية المستعصية وليس فيها ما يخالف القانون ولا علاقة لها إطلاقا بالشعوذة التي حرمها القانون وحددها في التنبؤ بالغيب، بينما المتهم لم يقم بذلك، بل مارس طريقة علاجية تشبه التنويم المغناطيسي الذي يمارسه أطباء النفس، ولم يتنبأ بالغيب لأحد، كما برر الدفاع مخالفة إقلاق الغير بكونه لم يمارس سوى حق مشروع دون إلحاق ضرر بأي كان، وإن وجد فالأمر يحال على الدعوى المدنية وتم تأجيل الحكم إلى وقت لاحق.