الأسبوع ما قبل الأخير من عام 2010، الكل يترقب سنة جديدة شعارها الهناء، والصحة، ومزيد من التقدم، والتألق في شتى المجالات، ولكن كل ذلك لن يأتي بالأحلام والأماني بقدر ما يكون بالعلم والعمل، وجعل الأسباب... * تنتهي سنة 2010 بحلاواتها ومرارتها، والجزائر تسترجع عافيتها في بعض المجالات، وبإيجابياتها وسلبياتها، وما زال "التأخر" و"التماطل" و"اللا مبالاة" شعارات للعديد من الميادين الأخرى، وإنني قد لا اعدد المحاسن، بقدر ما أذكر العورات، والسيئات، مخافة أن تدركنا سنة 2011 عملا بمنهج أحد الصحابة الأجلاء... * الكل... أو معظمهم ان سألتهم ما هي أمنيتكم للسنة الجديدة!!، الكل يقولها بدون تردد، الهناء، والسلم والصحة والعافية، وهذه المترادفات لن تكون الا من خلال بعض الأدوات التشريعية والقانونية، وبالمقابل احلال محلها ثقافة التسامح وتقبل الآخر، وعلى جميع المستويات الدنيا منها والأعلى ...وان لا تكون حبيسة الخطابات الديماغوجية، فالسلم والهناء قد لا تكون لها قائمة، الا من خلال طي ملف "الازمة" الجزائرية متعددة الجوانب، من خلال المطي بشجاعة في اقرار العفو العام، ولو تطلب ذلك "استفتاء عاما" يعرض على الشعب. * اما السلم الاجتماعي قد لا يكون الا من خلال رفع القدرة الشرائية للمواطن، وذلك من خلال التشجيع على الانتاج، والابتكار، وخلق المناصب والفضاءات المنتجة للقيمة المضاعفة، كما أنه في نفس الوقت يجب محاربة الآفات التي "تنخر" و"تبخر" هذه الآمال والتطلعات الجماهرية، بالمحاربة المستمرة، وبدون هودة، للرشوة، والشكارة، والحڤرة، والمحسوبية، والزابونية ...الخ. * فجزائر 2010 كانت مليئة بالنماذج الفذة للفساد ...وغيرها من المؤسسات اصبحت مرجعية في تقنين الافساد.. كما أن السلم الاجتماعي والسياسي قد لا يقومان ان لم تتبعه استقرار في باقي القطاعات الأخرى، والتي هي تحت فواهة بركان، أو أقل ما يقال عنها في صحة لا تحمد عقبه!!!. * خلال 2010 -وانني لأسوق لأخبار سيئة- بقدر ما هي حقائق مطلقة تطلعها يوميا أعمدة وعناوين الصحف، اصبح من الحتمي ان يوضع لها حد... * ومن المفارقات الجزائرية أنه في الاعراف السائدة أن الحماسة تحول الى طاقة من أجل دفع العديد من الملفات، الا في الجزائر الحماسة قد تحول الى شعبوية لتبرير بعض السلوكيات المهينة، أو الى منطق أقل ما يقال عنه غير منسجم مع التطلعات الجماهيرية، ولذلك هذا الصيد في المستنقع قد تكون نتائجه على المدى البعيد كجنس العمل، ففي الجزائر احزابنا السياسية منشغلة بالتصحيحات والانشقاقات، وبعيدة كل البعد عن انشغالات المواطنين، فلا يتعدى إلى البيان، أو الصالون، أو مقر الحزب!! وذلك ما لمسناه خلال سنة 2010، فالكل أصبح يغني حسب الموجة، والكل اصبح محاللا في شؤون الرياضة، والكل ينافق، ويراوغ، ويزعم ...أما الجزائر العميقة، فهي على حالها، ودراجات الفقر والأمية تزداد مساحتها!!! * اننا نستقبل سنة 2011 على واقع "تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية"، فنتمناها أن تكون خيرا على تلمسانوالجزائر عامة، بتقريبنا لمنطلقاتنا الحضارية، بمعرفة التنوع، والاختلاف، التي تزخر به الأمة الاسلامية، لذلك نتمناه أن لا يكون مهرجانا أو سنة واجهة، للتبييض فقط، بقدر ما نتمناه أن يكون درسا لمعرفة الاجيال الحالية والمستقبلية بما قدمته الجزائر للاسلام من خلال علمائها، ومن خلال مختلف الأطوار التاريخية التي عاشتها الجزائر عبر العصور الاسلامية. * ننهي سنة ونستقبل سنة، وكل سنة نتمنى ونحلم، ونترجى ...وان ذلك يدل على أن المجتمع حي، ولم يصب بمرض اليأس أو النفور ..فالكل وزارة، ادارة، مكتب ينادي بالاصلاح، وضروراته، ولما يصل الاصلاح للتداول، والكفاءة والنوعية، الكل يتراجع ويتأخر عن الركب، بحجة عدم فهمه، أو أخطأ الدرب، والطريق الا "هو"!!...، لذلك نتمنى أن نذهب لآخر الطريق من محطاته الاولى حتى لنهاية المحطة، بعيدا عن "ويل للمصلين" ...ونقف!!.. وفي جميع المستويات، سواء في مؤسساتنا الرسمية، أو في مجتمعنا المدني، أو في أحزابنا ...الخ. * فسنة 2010 حطمت الرقم القياسي في الاضرابات سواء في التعليم، أو الصحة، أو التعليم العالي، او النقل، او الخبازين ...أو الاعتصامات وقطع الطروقات، من المغضوب عليهم في توزيع السكانات، او القاطنين في السكانات القصديرية أو الهشة، او العائدين من معهد الدراسات القانونية ...الخ. ودون ان ننسى انتفاضات "الحڤرة" في العديد من المدن والمداشر. * فنتمنى ان لا تكون هذه الظواهر، وذلك لن يكون بداية باختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، بعيدا عن كل توازن، وأن يصبح برنامج عمل بقدر ما يكون شعارا ...ثم العدل ...ثم العدل ...ثم العدل، والعدل أساس الملك، وبالعدل العديد من الدول التي لا تمتلك ما حباه الله من نعم للجزائر ...أن ترتقي وتصبح في مصاف الدول الكبرى، "فالعدل" بحد ذاته قد يصلح أن يكون برنامج عمل لسنة 2011، وفي جميع الوزارات، والقطاعات، والفضاءات.. لنعدل، ونستريح، وننام ...وكل عام وأنتم بخير وعافية.