جيل جديد من المحتجين لا يعرف 5 أكتوبر وانتهازيون لاستغلال الأحداث في تحليل هادئ وموضوعي للأحداث التي عرفتها العديد من مناطق الوطن، ينبغي طرح التساؤلات التالية: هل الذي حدث "احتجاجات شعبية" أم "أعمال شغب وتخريب"، هل فعلا ارتفاع الأسعار هو الذي فجّر أعمال التكسار والنهب والسرقة؟، من هم الذين خرجوا للشارع وأحرقوا العجلات وأغلقوا الطرقات؟، هل هم أطفال، نساء، شباب، مراهقون، كهول، شيوخ، موظفون، عمال، نقابات، أحزاب سياسية، أم منحرفون و " قطاع طرق " ولصوص استغلوا الفرصة وركبوا الموجة؟، وهذه أهمّ الملاحظات في ما حصل : * أوّلا: الأغلبية الساحقة من المشاركين في الانزلاقات التي عرفتها بعض المناطق والولايات، هم قصّر وأطفال ومراهقون وشبّان، أغلبهم لا يعرفون معنى ارتفاع أسعار السكر والزيت والقهوة، ولا الحدّ الأدنى للأجور، ولا القدرة الشرائية، ومنهم من لا يعرف أسماء الوزراء المعنيين بتسوية هذه الملفات ! ثانيا: غياب شبه كلّي عبر أغلب "الاحتجاجات" »للعقال والكبار«، وهو ما يعكس أن هذه الأحداث شهدت انزلاقات لبست عند انطلاقها برنوس الاحتجاج على ارتفاع الأسعار، ثم سرعان ما انحرفت إلى أعمال سطو ونهب وتكسير وتحطيم للأملاك الخاصة والعامة. ثالثا: وقوف مواطنين من "الزوالية" ضد المشاغبين والمكسّرين، معتبرين أن الاحتجاج السلمي حق مشروع، إذا كان مبرّرا، لكنه لا يُعطي أبدا الحق للنهب وتخريب مرافق عمومية تقدّم خدمات للمواطنين وليس للوزراء أو الحكومة أو "القماقم"ممّن لا يهمّهم سعر الكيلوغرام من السكّر حتى وإن بلغ مليون سنتيم !. رابعا: ظهور "جيل جديد" من المحتجين، لم يعش ولا يعرف أصلا "انتفاضة" 5 أكتوبر 88، ولا يفرّق بين أسبابها وخلفياتها، لكن تتقارب تقريبا المبرّرات، وأغلبها مطالب اجتماعية لها ارتباط وثيق بأسعار المواد الاستهلاكية والأجور ومستوى المعيشة والسكن والشغل والبطالة. خامسا: غيّاب غريب وعجيب للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والنقابات، التي أثبتت مرّة أخرى، أنها هياكل بلا روح، وجثث هامدة، عاجزة عن تجنيد الشارع سلميا وتعبئة المواطنين بطرق حضارية، للمطالبة بمطالب مشروعة، كما أنها عجزت بالمقابل، أو تغاضت عن المشاركة في إطفاء نيران الاحتجاجات وتحجيمها بتهدئة الغاضبين، وهذا حتى وإن كانت هذه الهيئات المعتمدة، تبرّر الإفلاس والفشل والعجز، المتهمة به، بالغلق السياسي والنقابي والجمعوي، الذي مارسته السلطة على أنشطتها وتحرّكاتها، ولجوئها إلى "تطويع وتدجين" الفاعلين في الساحة الوطنية ! سادسا: غياب التعبئة والتنظيم في الاحتجاجات الأخيرة، كان واضحا ومفضوحا، فبعض "المحتجين" لجؤوا إلى إفراغ غضبهم بالتكسار والشغب والنهب وإشعال العجلات، لكنهم لم يرفعوا شعارات تشمل "المطالب" التي خرجوا إلى الشارع لتحقيقها وإسماع صوتهم بصددها، وهو ما يعطي الانطباع أن الأحداث كانت فوضوية وبلا " قائد " تولى تنظيمها ! سابعا: معالجة عشوائية للأحداث من طرف بعض الوزارات أو الحكومة، وتبني إجراءات وقرارات بشكل متأخر، والتعامل مع الانزلاقات في بداية الأمر، ببرودة وتراخٍ، ما وسّع دائرة "الاحتجاجات" التي سرعان ما غرقت في انزلاقات وانحرافات كان عنوانها الرئيسي النهب والتكسير والتخريب . ثامنا : ما قد يسمّيه البعض " انتفاضة بطون " أو " ثورة خبز " ، شوّهتها أعمال تخريب وشغب استهدفت الأملاك الخاصة والعامة وزرعت الرعب وسط المواطنين والتجار خوفا على أملاكهم . تاسعا: انتهاء صلاة الجمعة في هدوء وسلام، عبر كل مساجد الجمهورية، خاصة بعد الخطب التي دعا فيها الأئمة إلى الهدوء والحكمة والتعقل، وهو ما أكد أن العاقلين والكبار ظلوا بعيدا عن الانزلاق والانحراف والتورّط في أعمال لا علاقة لها بالاحتجاجات السلمية والمُعترف بها من طرف القانون والدستور . عاشرا: ركوب "مجهولين" و"ملثمين" مطالب شرعية لأغلبية المواطنين، وتوظيف الاحتقان و"الغضب الشعبي"، واللجوء إلى حرق منشآت وأملاك خاصة، يؤكّد أن الاحتجاجات تم "تهريبها" لفائدة أفراد وجماعات كانت بعيدة عن المطالب الاجتماعية! هذه بعض المؤشرات والتشخيصات التي رافقت أحداث اليومين الأخيرين، ليبقى السؤال المطروح: هل ما حصل تلقائي أم مفبرك؟، خاصة بعد الإشاعات التي تداولها "راديو طروطوار"، وانتهت بشغب وتخريب أدانه الجزائريون، لأنه مسّ أملاكهم ومصادر رزقهم؟. * * طالع أيضا * اعتداءات جسدية وخسائر أولية تفوق 25 مليار سنتيم