نسيم لكحل صور أطفال قرية قانا وهم يُنتشلون الواحد تلو الآخر، حركت الجماد وأوقعت صدمة حتى داخل بعض الذين يملكون ضمائر حية داخل المجتمع الصهيوني، وحركت مشاعر الرئيس المصري كذلك، وأخرجت منظمات حقوق الإنسان من جحورها وغيرت الكثير من المفاهيم المسبقة التي كانت في أذهان الذي يعتقدون أن إسرائيل تدافع عن نفسها في لبنان، أو أن الإرهاب يمارسه حزب الله وليس الإرهابي أولمرت، صور حركت حتى بعض العلماء والدعاة الذين فضلوا التزام الصمت منذ بداية العدوان إلا أنهم لم يجدوا لأنفسهم مبررا ليستمروا في الصمت بعد الذي حدث في قانا. كل هؤلاء وغيرهم كثيرون أيقظت مضاجعهم صور الأطفال وهم مشوهون أو مقطعون إلى أجزاء، وربما كلهم لم يكونوا مجبرين على التحرك أو التعبير عن مشاعرهم حتى، لكن ما يسمى عبثا بمجلس الأمن الدولي لم تكن له حتى الشجاعة لإدانة هذه الجريمة الإنسانية التي لا تقبل بها أية شريعة ولا يحميها أي قانون، وكانت له الشجاعة الكافية للمرور على مجزرة قانا مرور الكرام على مأدبة اللئام. أبعد هذا يبقى من المعقول أن تتسابق مصر بدرجة أولى والجزائر بدرجة أقل في الخفاء وبين دهاليز الكواليس على عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي في إطار مشروع إصلاح منظمة الأممالمتحدة، وقد تحول هذا المجلس إلى مجلس حرب بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وإذا كانت مصر مبارك قد تجد نفسها منسجمة مع الوظيفة الحقيقية لمجلس الحرب الدولي وهي قد كانت من بين الدول العربية السباقة في إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل كي تضرب لبنان، فيبقى على الجزائر أن تعلن براءتها وتغسل يديها من هذه المساعي التي لا تشرف أي حر يعلم أن ما يسمى مجلس الأمن الدولي ما هو في الحقيقة إلا وسيلة في يد القوى الصهيوأمريكية تستخدمها كلما قفزت إلى رؤوس أصحابها نية إشعال المنطقة العربية بالحروب أو تقسيمها على شاكلة ما يراد الآن من حرب لبنان لصياغة المنطقة ضمن شرق أوسط جديد يلغي الخصوصية والانتماء لكل دول المنطقة العربية. في سرعة البرق يصادق مجلس الحرب الدولي على قرار يمهل إيران شهرا واحدا من أجل توقيف تخصيب اليورانيوم، ويرفض في الوقت نفسه المصادقة على قرار وقف إطلاق النار في لبنان، رغم صور أطفال قانا، لينطبق عليه القول "أسد علي وفي الحروب نعامة"، مثله مثل كل المجالس وكل المنظمات وكل الحكام الذين يعرفون جيدا الوقت الذي يزأرون فيه (في الوديان) والوقت الذي يغرسون رؤوسهم في التراب، فيكونون كالأنعام.. بل هم أضل(؟!).