وأخيرا تدفقت الشمس فوق الرصيف. لتوجه آخر رسالة غضب إلى من كرهته وكرهت ليل نظامه الطويل. * فهل قررت هذه المرة أن تحرق كل الجسور وراءها، وتعلن الحرب على من هزمها ألف مرة، وتعطي دروس الكرامة للعاشقين.؟ * الشمس التي تدفقت فوق أرصفة ميدان التحرير في القاهرة لن تكون مؤقتة هذه المرة. * لأنها اختارت الإقامة الدائمة تحت جلد كل مصري بسيط، يحمل تحت معطفه عصورا من الحزن والكآبة. * إنها الشمس التي لا ترتدي السترة الواقية من الرصاص، لأنها غير قابلة للقتل والاغتيال. * إنها جزء من الموال المصري القديم الذي يتغنَّى به المصريون حين يكونون على فطرتهم الأولى، أو حين يكونون كسمك القرش. * "يامبارك يامبارك... السعودية بانتظارك". * كان هذا هو أسخن شعار رفعه المصريون في أرض الكنانة، وأجمل مقطع من موالهم الذي أصبح يطير كالحمام، ويرفع النشَّاب كالمحارب الإفريقي القديم. * إنه موال المواويل الذي سيشعر المصريين بأنهم مازالوا على قيد الحياة، أو أنهم مازالوا رغم كل ما قيل لم يضيّعوا بقية ما تبقى كبريائهم، أو ما تبقى من ملامح وجوههم * القديمة. * فهل سيتركون هذه المرة كل عصور الجفاف والغبار وراءهم، ويجيئون على صهوة الغيوم والسحاب لإلغاء المسافة الفاصلة بينهم وبين المطر؟