نصف الجمعيات النسوية في الجزائر خطر على المرأة عندما لا تجد الفتاة عاطفة الحب والحنان داخل الوسط العائلي، فإنها ستبحث عنه في مكان آخر وتكون عرضة للانزلاق والاستغلال مع أول شخص يلين معها في الكلام، ويمنحها ما حرمت منه داخل بيتها، هذا ما أكدته ل "الشروق" رئيسة المرصد الجزائري للمرأة السيدة شائعة جعفري، التي أجزمت أن المجتمع الجزائري يملك عقدة اتجاه مشاعر الحب التي عادة ما توحي لدينا بكل ماهو ممنوع وحرام. * وأضافت المتحدثة إن انتشار العلاقات غير الشرعية في المدارس والجامعات، وتفشي ظاهرة جنوح الفتيات يعود بالدرجة الأولى إلى غياب الدور التربوي للأسرة في زرع القيم والمبادئ لدى بناتها، ومنحهن عاطفة الحب والاهتمام منذ الصغر، فالتعبير عن الحب داخل الوسط العائلي شبه منعدم لدى أغلبية الأسر الجزائرية، "فالأخ يستحي أن يعبّر عن حبه لأخته، والزوج يمتنع عن إظهار حب زوجته أمام أطفاله، وبهذا تكون الأسرة مقيدة بعلاقات باردة أشبه بالعلاقات السلطوية، وبما أن الطبيعة لا تقبل الفراغ تضيف السيدة جعفري، تلجأ الفتاة في كثير من الأحيان إلى البحث عن الاهتمام خارج الوسط العائلي، وتجدها تتعلق بأول شاب يظهر اهتمامه بها ويمنحها الحنان والشعور بالحب الذي لم تحصل عليه من طرف أخيها ووالدها"، ومع تنامي الإقبال على مواقع التواصل الإلكترونية على غرار "الفاسبوك والأمسان وتويتر"، فإن الفتيات وعلى وجه الخصوص المراهقات أصبحن معرضات أكثر من أي وقت مضى للاستغلال أمام تراجع وانعدام البعد العاطفي داخل الأسر الجزائرية. * وأضافت السيدة جعفري أن الحب في الجزائر عادة ما يعبر عن العلاقات الغرامية المحرمة، وهذا ما يجعل التعبير عنه ممنوع بين الأزواج والإخوة، ولكنه مباح بين الأصدقاء والعشاق. وبينت المتحدثة أن نصف الجمعيات الناشطة في مجال ترقية وحماية حقوق النساء خطر على المرأة الجزائرية لما تحمله من أفكار ومبادئ وأهداف ضيقة لا تمثل حقيقة الجزائريات، وتمهد لمسخ الهوية الحقيقية للمرأة الجزائرية، فمن هذه الجمعيات من دعت إلى تشجيع بناء مراكز لاستقبال الأمهات العازبات والتكفل بهن بل ومنحهن منحة شهرية لا تقل عن 10 آلاف دينار، ومن الجمعيات من شجعت على الألبسة الفاضحة عن طريق تنظيم عروض أزياء بالمقاييس الغربية تشجع على العري والسفور وتحويل الفتاة الجزائرية إلى صورة طبق الأصل للفتاة الغربية التي لا تستند لأي أخلاق أو مبادئ. * وأضافت أن نشاطات هذه الجمعيات هي نشاطات مناسباتية الهدف منها تحقيق مكاسب ومصالح شخصية لا أكثر، وبالمقابل أكدت جعفري أنه توجد جمعيات نسوية جزائرية عريقة تعمل جاهدة على حماية وترقية حقوق النساء، ولكن للأسف الشديد هذه الجمعيات تعاني من قلة التمويل والاهتمام، مما قللّ من نشاطاتها وأعطى الفرصة للجمعيات الانتهازية "نساء الصالونات" بالظهور بسبب ما تتميز به من دعم خارجي مشبوه. * كبت المشاعر حالة مرضية لدى الجزائريين * أكد الأستاذ سعدي لهادي مختص في علم الاجتماع أن كبت المشاعر حالة مرضية لدى الجزائريين، ومن بين مسبباتها حالة الحرمان التي عاشها آباؤنا إبان الاحتلال الفرنسي، أين كان الجزائريون يعانون ويلات الاضطهاد والفقر وطمس الهوية، وأضاف أن الفرد الجزائري لا يملك لغة سليمة للتعبير عن عواطفه ومشاعره، وفي الكثير من الأحيان يتخوّف من إبدائها خوفا من التكشف والإحساس بالضعف، والسؤال المطروح حسب المتحدث "لماذا يرفض الأخ التعبير عن حبه واهتمامه بأخته أو أمه... لأنه سيشعر بالضعف وبنوع من الحياء"، وبهذا تعتبر ظاهرة كبت المشاعر لدى الجزائريين ظاهرة متوارثة.