قال عبد الحميد مهري، الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، والمجاهد والسياسي المخضرم، إن حزمة أوراق الإصلاحات الواردة في خطاب رئيس الجمهورية، أمس الجمعة، تحتاج إلى قراءة معمقة لمقارنته بما يطمح إليه الشعب وتطرحه الساحة السياسية، في إشارة إلى حاجة الموقف إلى استشارة حول إمكانية تلبية روح الانشغالات المعبر عنها في كل الجبهات السياسية، الأجتماعية، الحقوقية والاقتصادية. * وأشار مهري، في تعليق على الساخن على خطاب الرئيس، إلى أن برنامج الإصلاحات التي ينوي الرئيس القيام بها ويدعو المواطنين للمساهمة في إنجاحها، لم تستشر فيه الطبقة السياسية، وجاء بإرادة منفردة، ومن ثمة فان ارتباطه بطبيعة وتطلعات ومطالب الشارع السياسي يبقى محدودا، حيث قال إن"مضمون الخطاب كان يلتصق أكثر بالواقع السياسي لو جاء الخطاب تتويجا لنقاش وطني عميق واستشارات واسعة بين كل الذين يدعون بصفة أو أخرى لمساندة مسيرة الإصلاح والعمل على إنجاحها"، وأضاف"استمعت ككل المواطنين للخطاب الذي ألقاه مساء الجمعة فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة حول برنامج الإصلاحات"، في تلميح إلى أنه لم يستشر في الأمر، كما تردد مؤخرا، رغم أنه قام بمبادرة سياسية لتحقيق التغيير المنشود، وعرضها على الجهات المعنية، حيث نالت رضا وإجماع الطبقة السياسية، من الموالاة والمعارضة، وعلق قائلا "لكن يظهر أن هناك اعتقادا بأن الإصلاح يكون أسلم كلما كان بعيدا عما تفرزه أو تطرحه الساحة السياسية". * وسجل مهري، في بيان موقع، تحصلت "الشروق أونلاين" على نسخة منه، أن التغيير المقترح اهتم بالنصوص القانونية، لمعالجة المشاكل المطروحة، دون بلوغ عمقها وأسبابها، مبديا توجسه من قصور الإجراءات في محاربة الذهنيات والممارسات المنحرفة وما نجم عنها من سوء تطبيق القوانين السارية والتجاوب مع تطلعات المجتمع، وقال إن "العنصر البارز في الخطاب هو حصر الإصلاح، أساسا، في تعديل النصوص، مما يدل على تجاهل حقيقة كبرى، وهي أن عجز نظام الحكم ومساوئه تكمن في ممارسات النظام وقواعد عمله المستترة أكثر مما هي ناشئة عن النصوص، سواء كانت دستورا أو قوانين". * وتأتي هذه المعاينة المبدئية المتحفظة، لقامة سياسية شامخة تحظى بالثقة، مثل مهري، من باب التنبيه إلى نقاط الظل التي ترهن انطلاق قطار دولة الحق والقانون والحريات، والحرص على عدم إجهاض فرصة التغيير الجذري والوصول بها إلى بر الأمان بأقل التكاليف، وقال في تصريح عبر الهاتف "ستأتي فرصة أخرى للحديث عن مضمون الخطاب بتفصيل وتعمق أكثر"، وهو يرد على جملة من الأسئلة والملاحظات حول معاينته الأولية، خاصة وأن برنامج الإصلاحات المقترح كان انعكاسا لكل ما عبرت عنه الطبقة السياسية، باستثناء مطلبي حل البرلمان والحكومة، حيث يقترح الرئيس مراجعة الدستور وكل النصوص ذات الصلة بالممارسة السياسية، الأحزاب، الانتخابات، الإعلام، الجمعيات، حقوق المرأة السياسية، والولاية، كما أنه حمل النخبة مهمة ومسؤولية اقتراح وصياغة المضامين والتعديلات التي تراها مناسبة، بما فيها محاربة الممارسات المنحرفة المنافية لثقافة دولة القانون والمواطنة والوعي المدني، وليس المصادقة عليها كما جرت العادة وحسب، ولذلك فان الكرة الآن في مرمى الأحزاب والنخبة السياسية، خاصة وأن مشاركتها في هذه الإصلاحات جاء على شكل تحدي في الخطاب، وعليها أن تقول ما يجب قوله، بعيدا عن أي مجاملة أو تزلف أوتطرف.