روى وزير خارجية القذافي سابقا، عبد الرحمن شلقم، في حديث للعربية، كيف أن العقيد الليبي المقتول، ارتعدت فرائسه خوفا، وهو يشاهد صور إعدام زميله في نادي الحكام العرب، صدام حسين، قبل سنوات... * وكيف خشي المصير ذاته، وهو ما أحس به أيضا، ونقله رفيق دربه في الانقلاب على الملكية، عبد السلام جلود، علما أن القذافي نفسه، سبق له التصريح في إحدى القمم العربية، مخاطبا بقية الحكام: كيف تصمتون على قتل القيادات العربية وشنقها، ألا تتوقعون مجيء الدور عليكم جميعا!؟ * أتى الدور على العقيد، وتمت تصفيته بطريقة بشعة، كان قتلا استعراضيا، ستظل مشهده الدموي المرعب قائما على مدار التاريخ، كما أن صورته وهو يحاول للمرة الأخيرة مخاطبة المحيطين به، متوسلا ربما، أو مستغربا هؤلاء الباحثين عن الانتقام الأعمى أحيانا، والحقد المبصر في أحيان أخرى، جعلت البعض يتصور لوهلة، أن القذافي لم يستيقظ بعد من سكرات الزعامة، وأنه مايزال واهما بأن كل ما يحدث حوله مجرد كابوس سينتهي قريبا، ''لا يمكنهم أن يقتلوني وأنا القائد المنظر، المجاهد، ابن البادية، ملك الملوك في إفريقيا وعميد الحكام العرب''! * لكنهم فعلوها، قتلوه وما رف لهم جفن، بل زادوا على القتل، تنكيلا وتمثيلا، والتقطوا صورا مع جثة الأخ القائد، قبل أن يصير بعدها شيئا من الماضي، مجرد جثة داخل ثلاجة الموتى، ثم دفينا في رمال الصحراء المتحركة، لكن سؤاله القديم ظل مستمرا، على من الدور في المرة المقبلة. * لا أحد يريد تكرر مشاهد سرت، لا في سوريا ولا في اليمن، أو في أي بلد آخر، بل إن العقل والدين والأخلاق والأعراف، كلها تحتم علينا البحث عن سبل للخروج من الأزمة بطريقة أفضل، يحاكم فيها الطغاة بالقانون الذي أعدموه، ويساق فيها المستبدون للمحاكم التي أغلقوها، ويعاقب فيها القتلة والمجرمون وقطاع الطرق والبلطجية والسفاحون، بما يستحقونه من عقوبات العهد الجديد. * لكن في المقابل، لا تلوموا الليبيين والسوريين واليمنيين على حقدهم، بل اسألوا عن آلامهم الصامتة طيلة عقود، عن كرامتهم المهدورة، قائمة شهدائهم ومفقوديهم، نسائهم المغتصبات، أطفالهم اليتامى، أموالهم المسروقة، ثم حاكموهم على الحقد والانتقام، إن كان في القلب متسع لمشاعر وأحاسيس أخرى.