صورة من الأرشيف شباب أغلقوا الطريق يوما كامل وقالوا للدرك "أن لا مطلب لهم" ورئيس بلدية يتسلى بالاحتجاجات متى تبلغ الاحتجاجات التي تعرفها الجزائر منذ بداية السنة حلقتها الأخيرة؟ بل متى يقرر كاتب سيناريو هذه الاحتجاجات إنهاء هذا المسلسل الذي أضر بالمواطنين ولم يضر الدولة حيث لم نسمع أبدا عن استقالة أحد من مسؤوليها بسبب غضب المحتجين الذين يعاقبون أنفسهم بطرق الاحتجاجات الجديدة كأن يحاول رب أسرة أن يحرق نفسه أو يستعرض بصب البنزين على جسده أمام أنظار أولاده الصغار. * ومع تكرر الاحتجاجات وتناغم المسؤولين المحليين والمديرين معها ابتكر بعض المحتجين طرقا جديدة للاحتجاج إلى درجة أن بعض الشباب في ولاية ميلة أغلقوا الطريق وعندما حضر رجال الدرك لفتحها صُدموا بكون الفاعلين لا مطالب لهم وإنما أغلقوا الطريق لأنهم لم يجدوا ما يفعلوه بسبب البطالة فقرروا تغيير الجو "بلعبة" غلق الطريق، أما ما حدث أول أمس، في مدينة عين البيضاء بولاية أم البواقي، فقد بلغ درجة الخطورة وأغضب السكان بعد أن شلت حركتهم بالكامل عندما أقدم أهالي شاب حُكم عليه في قضية أخلاقية خطيرة تورط فيها بمحاولة تحويل قاصر ودفعه للرذيلة فقضت المحكمة الإبتدائية بعين البيضاء بسجنه لمدة ست سنوات وبدلا من القيام بالإجراءات القانونية المعروفة من طرف أهل المتهم وهي الطعن والاستئناف لجئوا إلى غلق مقر المحكمة ومنع العمل بها وقطع كل الطرق الرئيسية في مدينة عين البيضاء التي توقفت فيها الحياة نهائيا ليوم كامل في واحدة من أغرب الاحتجاجات. * أما في الإقامة الجامعية بوساعة عبد الرحمن بولاية جيجل فإن احتجاج الطالبات كان فريدا من نوعه، حيث لم يرفضن أستاذا دون المستوى وطالبن بتغييره، وإنما رفضن الياغورت المصنوع بالفانيلا وقمن باحتجاج فرض على إدارة الإقامة الاستجابة بتغييره بالياغورت المصنوع بالشوكولاتة، رجال الدرك الذين يتعاملون مع هذه الاحتجاجات بشكل يومي وهي في منحى تصاعدي أكثر من تعاملهم مع الإجرام قالوا للشروق اليومي إنهم صاروا يصطدمون بطرق جديدة وغريبة في الاحتجاج، كأن يقطع الطريق شخص واحد وليس مجموعة من الأشخاص لأجل أن يحقق أمرا شخصيا يخصه هو وليس كامل البلدية أو القرية. * ففي قرية لمقاتل، ببلدية أولاد عطية غربي عاصمة ولاية سكيكدة، قام السكان بحركة احتجاجية يرون بأنها الأنسب والأصلح، لدفع السلطات إلى مزيد من الاهتمام بمصير أبنائهم وبناتهم التلاميذ، إذ منعوهم من الالتحاق بالمدرسة، عقب انحراف حافلة نقل التلاميذ، تعود "للعصر الحجري تقريبا"، ويزيد عمرها عن عمر أكبر "شوابين" المنطقة، وأدى هذا الانحراف إلى اختراقها سياج أحد المواطنين، وبلوغها جدار المنزل، الذي كاد ينهار مخلفا وراءه هلعا وفزعا كبيرين في أوساط تلاميذ المنطقة، الذّين خصّصت لهم السلطات البلدية هذه الحافلة الخرابة، لنقلهم رفقة تلاميذ منطقة الزاقور. * وقال سكّان قرية لمقاتل الذين أقدموا على هذه الحركة الاحتجاجية، بأنّهم سبق لهم وأن رفعوا عدة شكاوي ومطالب لكل من رئيس البلدية ووالي الولاية، بضرورة إنهاء الكثير من المهازل والنقائص الحاصلة على مستوى هذه القرية المعزولة، ومن بين جملة الانشغالات التي رفعوها إعادة النظر في حافلة النقل المدرسي "الطايبة"، التّي تتلاعب بأرواح أبنائهم وبناتهم صباح ومساءا، وسارع السكّان إلى وقف أبنائهم عن الدراسة إلى غاية إيجاد حل للوضع القائم، في الوقت الحالي، وليس هذا فقط، فبمدينة تمالوس غربي سكيكدة، يواصل الناقلون الخواص الاحتجاج عن العمل، معلنين إضرابا مفتوحا عن النقل ما بين تمالوس وقريتي فاخت محمد وبومقان، بسبب احتجاج سكان هاتين الدشرتين في وقت سابق، عن قرار لجوء الناقلين إلى رفع تسعيرة النقل بدون ترخيص من مديرية النقل،. * وبعد أن لجأ هؤلاء إلى مصالح الدرك والصحافة ومديرية النقل، وتقدّيم شكاوي بالناقلين، انتهت بوقف العمليات الانتهازية ضدّ سكان بومقان، سارع هؤلاء من جهتهم إلى الاحتجاج بطريقة غريبة من خلال التوقّف التام عن العمل لمدة فاقت لحدّ السّاعة الشهر تقريبا. * وخلال الصيف الماضي، أقدم سكان بوحمرة على الاحتجاج بطريقة كانت أشد غرابة، بعد أن لجؤوا إلى إضرام النّار في نحو 400 حزمة تبن، مما أدى إلى غلق الطريق الوطني رقم 21 بالكامل، وارتفاع سحب من الدخان في سماء الولاية خنق الموطنين في درجة حرارة كانت حينها تزيد عن الأربعين، وهو ما جعل سكان عنابة يسمون ذلك اليوم بيوم السعير ويوم جهنم، أخطر ما في هذه الاحتجاجات أن بعضها يطالب بسقوط القانون كما يحدث في المناطق الحدودية الشرقية، حيث قام مهربوا الوقود بحركات احتجاجية للسماح لهم بتهريب البنزين كما قام مواطنون استفادوا من سكنات اجتماعية بولاية قسنطينة بالاحتجاج للمطالبة بعدم دفع مبلغ الايجار، وتمكن طلبة ماجستير الحقوق في قسنطينة من إلغاء المسابقة الخاصة بالماجستير عبر احتجاج طويل رغم نشر أسماء 12 ناجحا أكيد أن فيهم من نجح بعد جهد وكد والكثير منهم أقاموا ولائم وهنأهم أهاليهم بإشهار صورهم وأسمائهم وتفوقهم عبر الصحف الوطنية، أحد أعضاء بلدية من المنتخبين ضرب رقما قياسيا في الاحتجاجات أقسم أن رئيس البلدية لم يعد يهمه أن يحتج المواطنون بقدر ما يسأل عن طريقة الاحتجاج ليتسلى بها؟؟