تشهد بعض المستشفيات وبشكل يومي حركة احتجاجية بسبب اعتماد وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات قرارا بمنع إدخال أقارب المرضى بالمستشفيات لمختلف أنواع الأغذية والأغطية والأفرشة، وذلك بهدف تنظيم المستشفيات، حيث قامت إدارات بعض المستشفيات بتطبيقها في حين امتنع البعض الآخر عن إدراجها ضمن النظام الداخلي للمستشفى احتراما للمرضى. ومن خلال جولة استطلاعية لبعض مستشفيات العاصمة للتأكد من مدى تطبيق تعليمة وزارة الصحة القاضية بمنع إدخال الأكل للمرضى من قبل أهاليهم وأقاربهم، وقفنا على الواقع المر الذي يعانيه المرضى بالمستشفيات بسبب هذه التعليمة التي يراها الكثيرون قاسية ولا تخدم المريض. مستشفى سليم زميرلي بالحراش من بين المستشفيات التي طبقت تعليمة وزارة الصحة منذ الفاتح من جويلية المنصرم، حيث يلفت انتباهك وأنت أمام المدخل المؤدي إلى أجنحة المرضى ورقة مكتوب عليها »يمنع منعا باتا ابتداء من الفاتح جويلية إدخال الأغذية والأفرشة للمرضى بالمستشفيات«، تقابلها أكياس الطعام والمياه المعدنية المحجوزة بسبب الشروع في تطبيق التعليمة التي أثارت ومازالت تثير غضب أقارب وأهالي المرضى، وذلك بسبب عدم مراعاة إدارات المستشفيات لخصوصية الداء الذي يعانيه كل مريض ولا لنظام الطعام المفروض عليه من قبل الأطباء. وفي هذا الإطار أشارت إحدى السيدات بمستشفى سليم زميرلي والتي خضعت لعملية جراحية تم خلالها استئصال المرارة، أنها مباشرة بعد العملية شرعت في الأكل ومن سوء حظها أن كان أول طبق يقدم لها هو طبق الحمص باللحم مرفق بالسلطة والإجاص، والذي صعب عليها مضغه وهضمه، ولم يسمح لعائلتها بإدخال »التيزانة« والحساء و»الياوورت« لها باعتبارها الأكثر نفعا للمرضى بالمرارة ولأولئك الخاضعين للعمليات الجراحية، فضلا عن كونها الأسهل هضما وكذا مساعدتها على إخراج الغازات من الجسم. في حين أكد لنا أولياء أحد المرضى الذي أجريت له عملية جراحية بسبب إصابته على مستوى ساقه أنهم يضطرون لإدخال الأكل لابنهم في جيوبهم بهدف تعويضه قليلا من الدم الذي أضاعه أثناء النزيف الذي أصابه بعد تعرضه لإصابة عميقة على مستوى الساق تسببت له في بتر ساقه ودخوله في غيبوبة، الأمر الذي صعب عليه فيما بعد (عند استفاقته) مضغ الأكل، وأخذ الأب يُدخل لابنه قطع الكبد المشوي والفواكه والياوورت خفية ليقوى جسده ويعاود ممارسة حياته بشكل عادي. كما أكدت سيدة أخرى تعاني من داء السكري أنها وبالرغم من أن العجائن والبطاطا ممنوعة عليها كون الطبقين يحتويان على النشويات بنسب كبيرة، إلا أن إدارة المستشفى تعتمد طبقا موحدا يقدم لنزلاء كل المصالح دون مراعاة لحالة حمية كل مريض، مشيرة إلى أنه وفي غالب الأحيان يكون طبق »المعكرونة« أو البطاطا المهروسة »لابيري« الأكثر اعتمادا في أطباق المستشفى مما يضر بصحتهم ويعرضهم للخطر. في حين اعتبر مرضى الضغط الدموي والقلب خاصة منهم النساء الحوامل والمسنون أن الأكل المقدم بالمستشفى مضر أكثر منه صحي ومغذي، مستندين في ذلك إلى اعتماد طبق »طاجين الزيتون« الذي يكون مالحا رغم أن هذه الفئات منصوحة بتناول الأكل دون ملح أو تقليل كميته، فضلا على أن لنظام المستشفى ثلاثة أوقات لتقديم الوجبات (قهوة الصباح، وجبة الغذاء ووجبة العشاء)، مما يعني أن المريض الذي يكون في حالة لاوعي ويفيق بعد وقت الغذاء يضطر للبقاء جائعا لغاية أن يحين موعد العشاء، كما يُعاب على النظام الغذائي المعتمد بالمستشفيات افتقاره للفيتامينات والكالسيوم وغيرها من المقويات التي نجدها بالكبد والسمك والعصائر الطبيعية... وغيرها. أما عن الأفرشة فقال غالبية المرضى بالمستشفيات أنهم يجدون في بعض الأحيان الأفرشة ملطخة بالدماء دون أن يتم تغييرها، وأنه في مرات أخرى لا يتم تغييرها إلا نادرا، مما يثير نفسية واشمئزاز المرضى، الذين يلجأون للتحايل والتهرب من أعين الحراس والممرضين وتغيير أفرشة المستشفى بأفرشة يصطحبها أهالي وأقارب المرضى بطريقة سرية. وفي سياق متصل رفض عمال وأطباء المستشفيات في تصريح ل»الشروق اليومي«، التعليمة المطبقة التي تقضي بعدم إدخال الأطعمة والأفرشة إلى المستشفى كونها لا تخدم المرضى لأن الطعام المقدم من قبل المستشفى غير خاضع للمقاييس الصحية ولا يراعي نوع المرض الذي يعانيه المريض، وأجمع الأطباء على أن الأمر يؤثر سلبا على صحة المرضى ويزيدهم تدهورا، خاصة وأن لبعض المرضى حمية (ريجيما) وذوقا خاصين مما يجعلهم يُرجعون الأطباق المقدمة لهم بالمستشفى كما هي دون أن يأكلوا منها شيئا، الأمر الذي دفع بالأطباء لمطالبة السلطات المختصة بإعادة النظر في التعليمة المطبقة، من خلال تعديلها بحيث تأخذ خصوصية كل مرض ونظام أكل كل مريض »ريجيم«، أو إلغاءها تماما.. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المستشفيات لم تطبق التعليمة لاستحالة إجبار المرضى على تناول أطباق لا يطيقونها أو البقاء جوعا مما يزيد من تدهور صحتهم، على غرار مستشفيات بارني ومصطفى باشا وبني مسوس. استطلاع: آمال فيطس: [email protected]