لم يكن أبوجرة سلطاني يتوقع أن تفعل تلك الكلمات التي تفوه بها في لقاء حزبي مع مناضلي حركته بإحدى ولايات غرب البلاد بشأن " ضرورة رفع الحصانة عن المتورطين في الفساد حتى ولو كانوا مسؤولين، وكذا فتح ملفات النواب و الولاة و الوزراء و الضباط "، فعلها في كواليس صناعة القرار السياسي، ليجد الوزير بدون حقيبة و رئيس حركة حمس نفسه في الزاوية الضيقة ساعيا لاستغلال كل مناسبة لمحاولة تفسير ما قصده بكلامه حول الفساد لكنه كلما سعى جاهدا للتبرير زاد الطين بلة و زاد مطالبوه بالتوضيح أكثر. و يأتي "تكذيب" النائب العام لمجلس الجزائر في بيانه الذي وزعه على الصحف أول أمس الجمعة والذي نفى فيه أن يكون أبوجرة ( دون أن يسميه بالاسم) قد اتصل به لإفادته بمعلومات حول الفساد ، ليعقد من وضعية الوزير الحكومي و الزعيم الحزبي في " معركته السياسية" مع الفساد مثلما اسماها هو في آخر خرجة إعلامية له و ذلك بمناسبة تنظيم ملتقى تكويني نظمته حمس لفائدة الإعلاميين، و الظاهر أنه مناسبة أخرى فرضتها تداعيات تصريحه الأول حيث لم تكف الندوة الصحفية التي عقدها بداية الأسبوع الماضي لتوضيح الصورة أكثر فتطلب منه الخوض في الموضوع مرة أخرى. و بالعودة إلى الندوة الصحفية، فقد سجل أبوجرة في كلمته الافتتاحية أن الندوة مخصصة لملف واحد وهو ملف الفساد، و قال كذلك أنه عقد الندوة ليقدم توضيحات حول تصريحاته السابقة التي لم تفهم على وجهها الحقيقي، لكن مع ذلك انتهت الندوة و لم يحصل الصحفيون على توضيح من الوزير بشان " الأطراف المعنية برفع الحصانة عنها" بل خرجت بعض الصحف لتتحدث عن قائمة يملكها أبوجرة تحتوي على أسماء هؤلاء المفسدين، الأمر الذي أوقع أبوجرة في ورطة أخرى ذات طابع قانوني هذه المرة، على اعتبار أن القانون الجزائري يعتبر شريكا في الفساد من يكشف أنه يملك معلومات عن الفساد ولا يبلغ عنها للسلطات المختصة. و في الوقت الذي توقع الوزير أبوجرة أن يطفىء نار التساؤلات بهذه الندوة الصحفية، زاد لهيبها من خلال اتهام " حليفه " في التحالف الرئاسي ميلود شرفي الناطق باسم التجمع الديمقراطي له عبر قناة الجزيرة القطرية بالمزايدة السياسية ذات الأغراض الانتخابية. و بينما كانت مناسبة الملتقى التكويني لصالح الإعلاميين الذي انعقد الخميس المنقضي فرصة سانحة لوضع النقاط على الحروف بشكل مضبوط جدا هذه المرة، انفلت الصمام و أحدث أزمة أكبر، من خلال عدم صمت النائب العام لمجلس الجزائر على ما قاله أبوجرة سلطاني للصحافة من أنه على اتصال بالسلطات القضائية بشأن قائمة المفسدين. و في هذا المستوى يبدو جائزا التساؤل عن طبيعة ردة فعل الوزير أبوجرة القادمة خصوصا و أن "خصمه" الجديد ليس منافسا حزبيا و إنما مسؤول قضائي يعرف ماذا يقول و يفعل؟ رمضان بلعمري: [email protected]