تسقط كل الأقنعة أمام الوضع المعيشي المزري الذي تعيشه عشرات العائلات بالمركز الريفي "عين رقادة" ببلدية سطيف، وتسقط معها الوعود الجوفاء للمنتخبين حسب تعبير السكان، حيث يواجه المواطن بهذه المنطقة ظروف حياة قاسية جدا تطبعها العزلة، ويميزها العطش والظلام. أين يتوهم الفرد أن المعاناة تشتد كلما ابتعدت عن عواصمالولايات، ويعتقد أن رحلة البحث عن متاعب المواطن تتطلب التوغل في عمق الولاية وزيارة منطقة "الأوراس" الثانية المعزولة بأقصى الجنوب على بعد 80 كيلومترا عن عاصمة الهضاب العليا، أو الغوص في شمالها ووضع بلديات القبائل الصغرى المحرومة طبيعيا تحت المجهر، لكن زيارة "الأيام" لمنطقة "رقادة" الواقعة على بعد أربعة كيلومترات عن عاصمة الولاية، تجعلك تعيد الحسابات، حيث يصطدم المواطن المحلي بأزمة ماء خانقة حولت الحياة إلى جحيم، وجعلت اليوميات مجرد رحلة للبحث عن قطرة ماء، حيث تبخل الحنفيات العمومية على الجود بهذه النعمة منذ إنجازها سنة 2000، والسبب في ذلك غياب الأنقاب والوضعية السيئة للأنبوب الرئيسي، مما جعلهم يجلبون هذه المادة الهامة من مسجد "الحشامة" على بعد 4 كلم، واقتناء صهاريج الخواص بمبالغ مالية تصل لحدود 1200 دينارا حسب تأكيدات السكان. ويبدو أن اليأس قد تملك قلوب السكان بعدما ثار صاحب مستثمرة فلاحية في وجه مشروع عمومي يتمثل في نقب لتزويد المنطقة بالماء، وعارضه بشدة بحكم أنه يملك نقبا لا يبعد عن المشروع العمومي إلا بحوالي 20 مترا، مما جعل القضية تأخذ مجراها باتجاه المحكمة، ورغم إصدار الوالي لقرار يرخص للبلدية ممارسة حق الارتفاق فوق أرضية المستثمرة الفلاحية الفردية، إلا أن دار لقمان مازالت على حالها ومازال العطش يسكن المشتة حتى أن السكان لم يجدوا بديلا في بعض الحالات عن غلي مياه السد واستعمالها في بعض أمورهم، كما يعرف السكان مشكلة أخرى تتمثل في انعدام الكهرباء وهو المشكل الذي تعاني منه حوالي 23 عائلة من إجمالي السكان، ونحن نغادر المشتة وفي طريق العودة اصطدمنا بمشكلة أخرى نسينا تسجيلها، حيث التقينا جمع من التلاميذ يقطعون وحشة وسكون الطريق المعزول ببراءتهم، وهنا أكد أحدهم أن أبنائهم يضطرون إلى هجرة مقاعد الدراسة مع كل تقلب جوي، أما الحديث عن تدريس البنات فلا مجال له ولا حديث عنه ب"رقادة"، يحدث هذا بسبب قلة وسائل النقل وانعدامها في الكثير من الحالات، حيث ورغم تدخل السلطات وإصلاح الطريق إلا أن التلاميذ مازالوا يواجهون الأمرين من أجل الالتحاق بمقاعد الدراسة.