اعتبر المجاهد «عبد الحميد مهري»، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، أن الأزمة الحالية التي يمرّ بها الأفلان تتعلق ب «خلافات داخلية بين الأشخاص»، وقال إن هذا دليل على عدم صحّة وضع هذا الحزب بخلاف ما يُردّده «عبد العزيز بلخادم»، وأشار إلى أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات وهو ما عبّر عنه بالتأكيد أنه «بحسب ما أعلم فإن الخلافات تتلخص في خصومات وحول علاقات الأشخاص داخل الحزب..». خرج الأمين العام السابق للأفلان، وأحد الوجوه التاريخية، عن صمته وتحدّث لأوّل مرة عن الأزمة التي يعرفها الحزب خلال الفترة الأخيرة، رغم أنه كثير التحفّظ عندما يتعلق الأمر بتطوّرات من هذا النوع، وعلى إثر ذلك فإن «عبد الحميد مهري» لم يتوان في التعبير عن «أسفه» مما يجري الآن من صراعات داخل جبهة التحرير الوطني، واللافت أنه أشار إلى أن هذه الأزمة «تُلاقى بشيء من عدم الاهتمام من طرف الجماهير»، وهي الجماهير التي أورد بأنها «كانت تحضر مشروع جبهة التحرير الوطني». وتابع «مهري» الذي يعرف خبايا الأفلان كونه سبق وأن شغل منصب الأمين العام للحزب في منتصف التسعينيات من القرن الماضي قبل أن يتعرض لما يُعرف ب «المؤامرة العلمية» التي أطاحت به، ناقما على الوضع الحالي الذي وصل إليه الأفلان، مؤكدا في حديث خصّ به قناة «الجزيرة» القطرية أن «الأزمة الحالية تبعد الحزب عن مشاكل الشعب وعن التحدّيات الكبرى التي تُواجهها الجزائر في المستقبل». وعندما سُئل «عبد الحميد مهري» عن طبيعة الخلافات التي تُحرّك «الحزب العتيد»، لم يتردّد في الإجابة: «الأزمة الحالية تنحصر في قضايا داخلية للحزب»، قبل أن ينتقد ما يحصل بالقول: «ولو كان الخلاف مُتعلقا بقضايا سياسية هامة لكان دليل صحة»، لكن المتحدّث استطرد في هذا الشأن وفصّل تحليله: «وحسب ما سمعت، وكل ما سمعت، فإن الأزمة تتلخص في خصومات حول التنظيمات الداخلية للحزب وحول علاقات الأشخاص داخل الحزب فقط». ويكشف كلام وزير الإعلام في الحكومة المؤقتة عن وضع غير مُريح يمرّ به الأفلان بعد الانشقاقات التي وصلت إليها جبهة التحرير الوطني، وهو بذلك يُؤكد أن صراع الأفكار الذي كان يُلازم الحزب العتيد لم يعد مطروحا ليتحوّل إلى مُجرّد صراع على المناصب السياسية والريع الحزبي، حيث لم يُخف «مهري» تخوّفه من تطوّر الوضع ليكون أكثر خطورة. وعلى صعيد آخر تحدّث المجاهد «عبد الحميد مهري» عن التطورات السياسية الوطنية، حيث أشار إلى النقاش الدائر حول تغيير الرئيس أو الذهاب نحو عهدة رابعة مثل ما يطالب به «عبد العزيز بلخادم» لا يحلّ مشاكل البلاد، وبرأيه فإنه ««بعد تجربة نصف قرن فإن الجزائر بحاجة الآن إلى إعادة نظر في نظام الحكم كنظام متكامل يمد جسورا مع مشروع جبهة التحرير الوطني» وهو المشروع الذي قال إنه «حدّدته أدبيات بيان أول نوفمبر التي تنصّ على أنه بعد الاستقلال يتم بناء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية». إلى ذلك أفاد المتحدّث بأن المشروع الذي أقرّه بيان الفاتح نوفمبر 1954 «هو مشروع عام ولكن مع تحيينه يُمكن أن يكون مشروعا جامعا يهيئ الجزائر لمواجهة تحديات المستقبل»، مضيفا في رده على سؤال طرح عليه حول حقيقة وجود خلاف عن ما أسماه السائل «الخلافة» بالتوضيح: «موضوع الخلافة جزء من الخلاف لكن هناك قلق شامل بالنسبة لنظام الحكم»، وأبرز أن «كل الناس ينسون الآن أن بناء الدولة الجزائرية التي جاء بها بيان أول نوفمبر لم يستكمل بعد ولم نصل إلى نتيجة بعد في بناء الدولة الديمقراطية والاجتماعية في مواصفات الدولة في إطار المبادئ الإسلامية». وبعد أن أشار «مهري» إلى أنه «في السقف الذي حدّده مؤتمر الصومام ليس المقصود إقامة دولة تيوقراطية» بمعنى دينية، أوضح أنه مهما اختلفت التعابير بشأن «الذهاب نحو جمهورية ثانية» فإن «كل التعابير تعني أننا نريد التغيير، فالاختلاف في هذه التعابير يُشير إلى مطلب واحد هو ضرورة تغيير نظام الحكم بعد تجربة 50 سنة التي أعتقد بأنها مدة كافية لذلك».