تعددت الروايات وتباينت حول حقيقة اغتيال الرجل الأول في جهاز الأمن سابقا العقيد «علي تونسي»، ورغم مرور أزيد من عشرة أشهر من التحقيق إلا أنه لم يتم فك لغز «الحادثة» إلى غاية اليوم..اللواء «عبد الغني الهامل» خلف «تونسي» على رأس الجهاز ووعد بتغيير صورة الشرطة من خلال محاربة الفساد ومنح الفرصة للضباط الشباب. رصاصة غادرة تنهي حياة رجل المواقف الصعبة فقدت الجزائر في عام 2010، أحد أبرز رجالها الذين ارتبط اسمهم بمكافحة الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار. ولم يكن رحيل المدير العام للأمن الوطني، علي تونسي، على يد الإرهاب مثلما كانت قد خططت له الجماعات الإرهابية لمرات عديدة دون جدوى ولكنه قتل على يد أحد إطارات الشرطة خلال جلسة عمل عقدت صباح خميس بمقر المديرية العامة للأمن الوطني، وضمت مديرين مركزيين من الجهاز ، وهو الحدث الذي اهتزت له الجزائر بأسرها، وأبرز بشكل كبير حضور ومكانة “الرجل القوي” الذي نجح في إدارة جهاز الشرطة مدة ست عشرة سنة كاملة، وحول الشرطة بمعية باقي السلطات العمومية المعنية، إلى جهاز فعال وذي نوعية وكفاءة كبيرة. توفي المدير العام للأمن الوطني، علي تونسي، عن عمر يناهز 73 عاما، قضى أغلبها في خدمة الوطن إلى آخر لحظة، وترك وراءه إنجازات لا ينكرها إلا جاحد. ويعد المرحوم علي تونسي من أبناء الجزائر الذين آثروا الالتحاق بصفوف المجاهدين في سن مبكرة، وهو لا يزال طالبا وعضوا في الاتحاد العام للطلبة الجزائريين، نشط ضمن جهاز التسليح والاستعلامات “المالغ”. انضم علي تونسي إلى صفوف الولاية التاريخية الخامسة سنة 1957، سجن بعدها لمدة سنة وكان وقتها برتبة ملازم، ولم يخرج من السجن إلا بعد الاستقلال. عندئذ تبدأ حياة “العقيد” العسكرية في صفوف الجيش الوطني الشعبي، بعدما كان قد تلقى تكوينا بالمدرسة السياسية الإدارية في 1958، والتحق بعد الاستقلال بجهاز المخابرات العسكرية. وفي سنة 1970 عين الراحل قائدا لمدرسة الهندسة العسكرية بأرزيو، ثم قائدا مساعدا للناحية العسكرية الرابعة، قبل أن يحال على التقاعد سنة 1988، تولى خلالها مناصب مهمة، منها الإشراف على إنشاء وتنظيم الأمن العسكري سنة 1990. لكنه عاد للظهور مجددا سنوات الأزمة بعد أن قرر الرئيس الأسبق، اليامين زروال تعيينه في مارس 1995 مديرا عاما للأمن الوطني، ومنذ ذلك الحين برز اسمه بشكل أكبر وتمكن من صنع الاستثناء ببقائه في نفس المنصب مدة ست عشرة سنة كاملة، لقدرته على إدارة الجهاز رغم ثقل المسؤولية. وتمكن علي تونسي خلال فترة إدارته لجهاز الشرطة من ترقية صورة السلك بشكل تدريجي وإزالة الكثير من الصور والإشاعات السلبية التي ألصقت به سنوات التسعينيات . ولم تقتصر إنجازات علي تونسي في هذا الإطار على إحالة العديد من الأعوان على القضاء بعد أن أثبتت التحقيقات تورطهم في قضايا الرشوة، بل واصل سياسة التطهير إلى حد تمكين المواطن من فضح أعوان الشرطة الذين يطالبونه بدفع رشاوى، وكان دائم التحذير لأعوان الشرطة من سوء استخدام المنصب، ولم يكن يتوانى في معاقبة المتجاوزين. وموازاة مع ذلك، ترسخ اسم الرجل أكثر في الأذهان، وأصبح لصيقا بمكافحة الإرهاب طوال السنوات الأخيرة، بعدما مكنت سياسته من تعزيز سلك الشرطة وتحديثه ونجحت مخططات في مكافحة الإرهاب من توفير قسط كبير من راحة البال للمواطن الجزائري، و لا تزال جملته التي قالها قبل سنتين على هامش حفل تخرج إحدى الدفعات عن تخوف المواطنين من اقتراب شهر رمضان الذي كان يعني المزيد من التقتيل و الانفجارات راسخة في الأذهان عندما أجاب بثقة كبيرة “قولوا لهم يرقدوا مهنيين”. ولعل ما قاله وزير الداخلية، في بيان التأكيد على اغتيال العقيد علي تونسي، أفضل دليل على إنجازات الرجل فقد دعا كافة مستخدمي المديرية العامة للأمن الوطني للحفاظ على الحركية التي باشرها الفقيد في مهامهم بما يخدم مؤسسات الجمهورية. القضية اللغز قد تؤجل إلى الدورة الجنائية للعام المقبل رفضت المحكمة العليا الطعن بالنقض في ملف اغتيال العقيد على تونسي، المدير العام للأمن الوطني سابقا ، حيث رفضت غرفة الاتهام على مستوى المحكمة العليا طعن الطرف المدني، و كذا طعن دفاع المتهم العقيد شعيب أولطاش، في الإجراءات القانونية. على أساس أن طلبات الطعن غير مؤسسة. وبررت غرفة الاتهام على مستوى المحكمة العليا التي نظرت في القضية، الأسبوع الماضي رفضها ضمن جلسة علانية إلى عدم وجود أساس قانوني. مما يفسر رجوع الملف إلى محكمة الجنايات للنظر فيها مجددا . ولم يستبعد برمجتها ضمن الدورة الجنائية المقبلة المرتقبة في شهر جوان 2011. وتمثل طعن الدفاع المدني (أسرة العقيد علي تونسي) في إجراءات قاضي التحقيق المكلف بالقضية ، وعدم استدعائه لوزير الداخلية السابق يزيد زرهوني، كشاهد على خلفية التصريحات التي أدلى بها للصحافة أيام فقط بعد مقتل علي تونسي، حيث اعتبر القضية شخصية بين الجاني والضحية. و وقعت دون شهود. فيما تمحور طعن دفاع المتهم شعيب ولطاش حول أن قاضي التحقيق خرق الإجراءات الجزائية، مع محاولة إقناع العدالة بفرضية وجود شخصية أخرى كانت وراء مقتل العقيد علي تونسي. ويذكر أن النيابة العامة لم تطعن في القضية أمام المحكمة العليا. عشرة أشهر تمر دون إجابة عن حقيقة الحادثة المروعة لم تغلق الرواية الرسمية عن مقتل الفقيد علي تونسي أفواه الكثيرين ، حيث تناقلت وسائل الإعلام العديد من الاحتمالات حول تفاصيل اغتيال لمن استطاع أن يدير جهاز الشرطة في عز الأزمة الأمنية في الجزائر ، وكانت وزارة الداخلية قد أشارت إلى أن القاتل أصيب بنوبة جنون، وبعد ذلك تعددت الروايات في جريمة الاغتيال، حيث راح كل طرف ينقل معلومات عن مصادر مختلفة من أمنية إلى طبية إلى أخرى قضائية حول تداعيات الجريمة وأسبابها، دون الوصول إلى رواية رسمية نهائية وقاطعة رغم مرور أزيد من عشرة أشهر . ونقلت مصادر أن تحقيقات الشرطة العلمية حول الذخيرة والأسلحة وتقارير معاينتها لمسرح الجريمة كشفت عن أن السلاح الذي استعمله الجاني هو ''سيمث ويسون سبيسيال 38 عيارا''، عدد رصاصاته 6 وهو أصغر المسدسات حجما ''3 بوص'' أي بطول أقل من 15 سنتيمترا، وتم ربط الدوافع باكتشاف العقيد لخيط يؤكد تورط مسؤول وحدة الأمن الجوي في صفقات مشبوهة، هذا الأخير لم يكن ليقبل بأن تتلطخ سمعته فلم يجد بدا غير إطلاق رصاصات غادرة على مسؤوله الأول وصديقه.. وبذلك أنهت التحقيقات التي باشرها العقيد في ملف عصرنة جهاز الشرطة أيامه. الهامل يواجه جملة من التحديات.. رسم اللواء "هامل" الخطوط العريضة لطريقة تأدية مهامه من خلال رصده للوضعية العامة التي تحكم أكبر مؤسسة بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، للشروع في تطبيق برنامج العمل المعلنة من طرف وزير الدولة وزير الداخلية دحو ولد قابلية لدى إشرافه على تنصيب اللواء في المنصب ، حيث باشر هذا الأخير عمله بعقد سلسلة لقاءات مع رئيس الديوان والمدراء المركزيين للمديرية العامة للأمن الوطنين بهدف مناقشة إستراتيجية العمل الجديدة والتي ستكون حسب مصادرنا على النسق الذي انتهجه المدير العام السابق للجهاز المرحوم العقيد علي تونسي ، حيث شرع المدير العام للأمن الوطني في مشاورات موسعة مع المسؤولين المركزيين للجهاز، وعلى رأسهم رئيس ديوان المديرية العامة للأمن الوطني، ورئيس الشرطة القضائية، ومدير الاستعلامات العامة، ورئيس مصلحة الشرطة العلمية ، وحرص عبد الغني هامل على تفعيل دور هياكل الشرطة والأجهزة المنيةأمنأأمنية الأخرى في محاربة الجريمة الاقتصادية، وكسر شوكة المفسدين الذين يحاولون التلاعب بمقدرات الشعب من خلال استغلال مناصبهم في أجهزة الدولة، مركزا على تحسين الإطار الوظيفي لأعوان الأمن الوطني، من خلال الإفراج العاجل عن القانون الأساسي الخاص بالسلك. وتضمنت إستراتيجيته إمداد أعوان الشرطة المكلفين بمزيد من صلاحيات التدخل في العمليات محل شبهة، وذلك بما يخوله القانون للمدير العام للأمن الوطني من صلاحيات الإنابة عن وكيل الجمهورية ، في وقت استبعدت فيه احتمالية لجوء اللواء هامل لتغييرات في الإطار البشري لمختلف المصالح، على أن يقوم بذلك بعد استفائه لكامل المعطيات وتوصله للاحتياجات التي يستدعيها تطبيق برنامج العمل المرسوم لجهاز الأمن الوطن.