تبعثر الوقت في لجج الحيرة، تخلخلت أوتارُ زمانه تفسَّخت في بهو عمياءَ أنوارهُ .. تنأى عن بئر أسرارها سلالات الكلام .. ثمّ، لاح في وفرة الغياب القبيح .. لم يعد يلتقي نهارَهُ، لا في منتصف الصَّحو، ولا في منتهى الشوق .. وتخلَّلَ سهوَهُ، ضياعُ ليله منفرطا من سمّ البياض الفريد .. وعند النقطة الفاصلة، تناهى إلى مسمعه شكٌّ فادحٌ أسرى به تغريد طائر غريب الشدو .. سلكَ البحر، ميمّما شطر “الحَرقة ” الحُرقة، الاحتراق .. توهج في خلده سحر النّماء استيقظت بباله ذكرياتُ الحياة.. استبشر “ثورة” فاح عطرها. تلألأ قطرها على جبين الموت.. وذاع من فوهة “ياسمينها” صيتُ الفلاح .. هل كان الوقتُ مساءً، هل كان الوقتُ صباحاً، هل كان له وجهاً يشبهه قبل ذاك الضياء .. أعيدي للوقت، وقتًهُ قامت سنابلَ تعدُو في تقاسيم الغرابة وتهتفُ: يا حنين الكرامة يا ماء الحياة، أطبق بالنسيان على السبع العجاف .. أراد الوقتُ أن يحجب ظلَُّهُ الذي ارتضتهُ له الجهالة من جملة ما روَّجته أحلام التيه، وعصبيّة العتمة، عن مستقبله الفضيّ بديع الأغنيات، التي تسبق -عادة ما تسبقُ- الأعياد، بليالي الأنس والفرح.. الوقتُ، هذا الوقتُ ما اسمه، ما لونه، ما قولُهُ فيما أراه .. ؟ ما تقديرُهُ لهفوة الريح يعتريها الصَّمتُ فتمضي ساكنةً في عين النعاس لبسطة الموج ، غير الكريمة .. لانفلات الزمام، بمدّ غضوب .. تحسس قلب الأرض من بعد غفلة، فتناثرت فجأة أعمار، وآيات .. ما بال الوقت يعجُّ باللاوقت ؟؟ بامتلاء الفراغ بحدّة الامتلاء.. صهوة الحضور .. يعتليها فرسان من غابر الأزمان، من سالف الذكر،،