انتهى اجتماع مجلس شورى حركة مجتمع السلم إلى الاتفاق على الاستمرار في التحالف الرئاسي بخلاف التهديدات التي أطلقها قبل أسابيع رئيس «حمس». وأرجع مصدر قيادي التوصل إلى هذا القرار إلى «ما تقتضيه المصلحة الوطنية»، مشيرا إلى «تحوير وجودنا» في التكتّل خصيصا لإنجاح الإصلاحات السياسية الأخيرة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية. أعلن رئيس حركة مجتمع السلم، «أبو جرة سلطاني»، «التمهل بخصوص انسحاب الحركة أو بقائها في التحالف الرئاسي، وتأجيل الفصل في ذلك إلى أن تتبلور الرؤية على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الجزائر»، مضيفا أن مجلس الشورى دعا إلى استمرار التحالف الرئاسي في إطار الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية، وألحّ على وجوب «تحوّل التحالف إلى شراكة سياسية خدمة للوطن». وأورد رئيس «حمس» في هذا الشأن قوله: «لقد بدأنا كمتحالفين بينما بات ضروريا أن نتحول إلى الشراكة السياسية تحت مبدأ خدمة الجزائر، ونتجاوز فيها الألوان السياسية إلى كتلة كبرى تخدم قضايا الجزائر، وننشئ تقليدا جديدا للتداول السلمي على السلطة من خلال تيارات سياسية وليس أحزابا سياسية»، واصفا الإصلاحات الأخيرة ب «القرار الشجاع» من منطلق أنها «قادرة على الإتيان بخريطة سياسية جديدة، خاصة وأنه فتح المجال لجميع التيارات السياسية للإدلاء بآرائها». إلى ذلك شدّد «سلطاني»، الذي نزل أمس ضيفا على القناة الأولى للإذاعة الوطنية، على أن قضية الإصلاحات «لا تتعلق بتصويت الأغلبية أو الأقلية، وإنما بواقعنا وبمطالب الشباب وقضايا جزائر الألفية الثانية وخمسينية ما بعد الاستقلال»، مشيرا إلى وجوب مراعاة كل هذه المعطيات، وما يحصل من تطورات في العالم «من أجل اتخاذ كافة الاحتياطات وتفادي العودة إلى المربع الأول». وموازاة مع ذلك نفى مصدر قيادي بمجلس الشورى لحركة مجتمع السلم وجود أية خلافات بشأن الاستمرار في التحالف الرئاسي، وقال في تصريح خصّ به «الأيام»، إن هذا النقاش لم يعد مطروحا الآن بعد انعقاد الدورة نهاية الأسبوع المنقضي، مضيفا أن الأنظار والاهتمامات بين إطارات ومناضلي الحركة سيتحوّل في المرحلة المقبلة إلى «العمل على كيفية إنجاح الإصلاحات السياسية وضمان تحقيقها بشكل جدّي». واتضح من كلام محدّثنا أن التحالف الرئاسي بالنسبة إلى «حمس» لم يعد يقتصر فقط على التنسيق من أجل إنجاح برنامج رئيس الجمهورية مثلما نصّت عليها وثيقة تأسيس هذا الائتلاف منذ فيفري 2004، وإنما أيضا «تركيز الجهود على الإصلاحات السياسية بالدرجة الأولى»، ووفق ما صرّح به مصدرنا فإن هذه الإصلاحات «هي الأهمّ برأينا خلال المرحلة القادمة»، ومن المنتظر أن يصادق المكتب الوطني للحركة على قرارات مجلس الشورى في اجتماعه المقبل. وقال المصدر ذاته إن بقاء «حمس» في التحالف الرئاسي تُمليه الكثير من الظروف المتعلقة بالأساس برئيس الجمهورية، حيث لم يتوان في تثمين الخطوات الأخيرة التي أعلن عنها خاصة بعد خطابه في 15 أفريل الماضي. وأشار إلى أن الظروف الإقليمية تفرض على الحزب تبني مواقف إيجابية حتى لا يتمّ استثمارها بشكل سلبي، ولكن مع ذلك أورد أن الاستمرار في التحالف لا يعني بالضرورة «الذوبان فيه»، معترفا بأن الاستقلالية التي يتمتع بها كل حزب قد يؤدي إلى ظهور اختلافات في الرؤى السياسية. وأبرز اجتماع مجلس الشورى في دورته الأخيرة أهمية الضمانات التي قدّمها رئيس الجمهورية في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، ورحّبت الحركة بالدعوة التي وجّهها «بوتفليقة» إلى كل الأحزاب والشخصيات التي قرّرت مقاطعة هيئة المشاورات من أجل تقديم اقتراحاتها بشأن الإصلاحات، فيما حذّر المجلس مما أسماه «الإصلاحات الفوقية»، مشترطا لنجاحها أن ينخرط فيها الجميع. وزيادة على تأكيدها بأن هناك توافقا على مواصلة التنسيق مع الشريكين في التحالف، ويتعلق الأمر بكل من «الأفلان» والأرندي»، فإن أعلى هيئة بين مؤتمرين خرجت إلى تحقيق مواقف حركة مجتمع السلم من الاستحقاقات السياسية المقبلة، وشدّدت في المقابل على ضرورة متابعة عملية الإصلاحات بشكل يُفرز إجراء انتخابات في ظروف شفافة وبعيدا عن كل أشكال التزوير، ورأت أن غير ذلك سيشكّل تأثيرا مباشرا على مصداقية الإصلاحات الجاري الإعداد لها.