اختتمت أوّل أمس بتمنراست؛ فعاليات اللقاء الدّولي الثّالث لمهرجان الإمزاد الذي شكّل حسب المشاركين موعدا لتثمين الموروث المادي الذي يزخر به التراث الثقافي الوطني بكلّ أبعاده وحدثا مميزا بهذه المنطقة من الجنوب الكبير. وكانت هذه التظاهرة الثقافية والفنية مناسبة للكشف عن اللون الفني العريق المعروف ب “الإمزاد” والتّراث الشّفوي التارقي. كانت سهرة أوّل أمس مميزة بتوزيع الجوائز على المشاركين والفائزين في بعض المسابقات، إضافة لحفل غنائي مفتوح باعتبارها من روافد التّراث الثّقافي الوطني. وأجمع في هذا الخصوص الباحثون والمختصّون في الأنتروبولوجيا والمهتمون بالتراث الشفوي وموسيقى الصحراء ضمن أشغال الندوات والمداخلات التي نشطت بالمناسبة حول موضوع ” شعر رجل الصحراء” على أهمية اعتماد وسائل ناجعة للمحافظة على هذا الرصيد الثقافي وحمايته من الإهمال ومن عوامل الاندثار أمام ما أصبح يعرف بزحف “العولمة الثقافية”. وتطرق المشاركون إلى موضوعات تتعلق ب ” شعر العزلة ” و”شعر الشرود ورونق الصّحراء” و” فن الآياي .. أغنية مقدسة لدى البدو ” و” العلاقات العاطفية في الشعر البدوي”،و”الشعر والهوية ومختلف أصناف الشّعر التارقي” و”الحياة الخاصة والشّخصية “و”من شعراء فنانين تقليديين إلى عازفين معاصرين”. وحاول المتدخلون في هذه الندوات الأكاديمية التي احتضنها دار الثقافة لمدينة تمنراست على مدار ثلاثة أيام من وقائع هذا الحدث الثقافي حول الإمزاد الكشف عن بعض خصوصيات الشعر والغناء الصحراويين والعلاقة المتلازمة بينهما باعتبارهما يمثلان انعكاسا طبيعيا وروحيا لحياة البدو والترحال وهي الحياة التي ترتبط بهوية وحضارة تعودان إلى آلاف السنين. كما تحول هذا الفضاء أيضا إلى مسرح لعروض فنية رائعة في رقصات “التيندي” و”الجاقمي” و”التاكوبا”.وفي عزف وصلات غنائية على بعض الآلات الموسيقية التقليدية وهي العروض التي أطربت الجمهور. وأقيمت بنفس المناسبة بهذا المرفق الثقافي الجديد تظاهرة عرض وبيع منتجات الصناعات التقليدية وأخرى في فنون الرسم وأجنحة للجمعية الثقافية المحلية “من أجل إنقاذ الإمزاد” والتي كان الهدف منها أيضا تثمين الموروث المادي واللامادي والتعريف به للأجيال الناشئة كما أوضح المنظمون. وكانت الأنشطة الموسيقية حاضرة بقوة في وقائع هذا المهرجان من خلال المشاركة الواسعة للعديد من الفرق الموسيقية التي تنشط في تراث الإمزاد من منطقتي الأهقار والطاسيلي آزجر ( إيليزي) بالإضافة إلى فرق فنية من بعض جهات الوطن وأخرى من دول مجاورة (مالي والنيجر ) والتي صنعت أنشطتها الفنية فسيفساء موسيقية رائعة تتشكل من ألوان غنائية متنوعة.