أثار القانون العضوي الذي يحدد كيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة الجدل وسط أعضاء مجلس الأمة بين مؤيد لنظام المحاصصة الذي يعزز تواجد المرأة بقوة في الحياة السياسية وبين معارض للتطبيق النسبي الذي يختلف من ولاية إلى أخرى مما يشكل، حسبهم، عائقا أمام الأحزاب. ناقش أعضاء مجلس الأمة أمس مشروع القانون العضوي المحدد لكيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة وذلك خلال جلسة علنية ترأسها «عبد القادر بن صالح» وحضرها وزير العدل حافظ الأختام «الطيب بلعيز»، واعتبرت المجاهدة «زهرة ظريف بيطاط» عن الثلث الرئاسي أن نسبة 33 بالمائة تمثل أدنى نسبة يمكن اعتمادها إذا أردنا من المجتمع أن يدخل في ديناميكية تقوم على أساس احترام المساواة بين المرأة والرجل، واصفة نظام الكوطة ب«الصدقة» التي «تنازل عليها الرجال لصالح الطرف الضعيف في المجتمع»، ودعت «بيطاط» رئيس الجمهورية إلى استعمال صلاحياته الدستورية والأمر بقراءة ثانية لهذا المشروع الذي وصفته «بالخطير والمجحف والمخالف لتعهداته الإصلاحية أمام الشعب». ومن جهتها ثمنت العضو «زهية بن عروس» من الثلث الرئاسي مشروع القانون وتساءلت إن كانت الأشواط التي قطعتها المرأة في بناء الجزائر لا تشفع لها بالحصول على حقها في المساواة في مجتمع لطالما قدس شجاعتها ونضالها إبان الثورة التحريرية وكذا بعد الاستقلال، ولم تخف «بن عروس» تأثير العادات والتقاليد المحافظة على النشاط السياسي للنساء غير أنها تجد أن معطيات الحياة السياسية تحتم على المرأة التي تمثل نصف مواطني الجزائر المشاركة في صناعة القرار. وبدوره انتقد عبد القادر قاسي ممثل الآفلان عن ولاية البويرة، في مداخلته، الطابع «الارتجالي والاعتباطي» في صياغة مشروع قانون يخص مشاركة فئة مهمة من المجتمع في تسطير مستقبل البلاد، مطالبا بمزيد من التوضيح حول المادة 2 من القانون، وهاجم النائب «بشير داود» نواب المجلس الشعبي الوطني والطريقة التي اعتمدوها في تعديل مشروع القانون بالقول «تعديلات النواب كانت مخيبة للآمال»، متهما إياهم ب«الالتفاف حول إصلاحات الرئيس وإفراغها من محتواها»، وأضاف المتحدث أن تعديل القانون خضع لحسابات ضيقة اعتمدت على أطماع حزبية في الانتخابات التشريعية المقبلة، وكان يجب أن تكون هذه التعديلات هادفة إلى تحقيق المصالح العليات للبلاد، على حد قوله. وفي سياق متصل طالب أعضاء من مناطق الجنوب بجعل مشاركة المرأة في القوائم الانتخابية اختياريا، وإلغاء إجبارية ترشيح المرأة من المجالس البلدية وإبقائها في المجالس الولائية والوطنية، وتقديم قائمتين من طرف كل حزب؛ الأولى للرجال والثانية للنساء ويترك الاختيار للمواطنين والمواطنات، بينما تناول «بوزيد لزهاري» المشروع من جانب تقيد الجزائر بالتزامات دولية منها اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز في الحق المرأة والتي لا يمكنها التنصل منها بمبررات قانونية داخلية أو مبادئ وتقاليد اجتماعية. أما العضو «ليلي الطيب» فاعتبرت المشروع بالنقطة السلبية كونه يكرس «التمييز» بين الولايات والمجالس المنتخبة، مقترحة الاعتماد على نسبة محددة في كل الولايات كما هو الشأن بالنسبة للجالية الوطنية بالخارج، ولم يخف «محمد حماني» عضو الأفلان عن ولاية إليزي تخوفه من «فشل» تطبيق هذا القانون في المناطق الجنوبية من الوطن، موضحا أنه إذا كان تطبيقه ناجحا في العاصمة فكيف سيكون في ولاية إليزي التي لن تصل إلى نسبة 5 بالمائة من التمثيل بحكم أنها محافظة. ويندرج اقتراح مشروع هذا القانون في إطار الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية تطبيقا لأحكام المادة 31 مكرر من الدستور المعدل سنة 2008 والتي تنص على ترقية الحقوق السياسية للمرأة من خلال تكثيف فرصها في التمثيل في المجالس المنتخبة.