أدخل المجلس الدستوري بعض التعديلات على القانونين العضويين المتعلقين بالأحزاب السياسية والإعلام، وبموجب ذلك فإن أبرز ما جاء من ملاحظات هذه الهيئة أنها أسقطت شرط امتلاك الجنسية الأصلية في تأسيس الأحزاب بمبرّر أنها تتناقض مع أحكام الدستور، إلى جانب إلغائها نهائيا المادة الثامنة من القانون الذي صدر أمس في الجريدة الرسمية. وافقت الحكومة على الملاحظات التي أبداها المجلس الدستوري بشأن القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، وتبنت على إثرها جملة من التعديلات التي جاء على رأسها حذف منطوق المادة الثامنة التي تنصّ على «منع إنشاء الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو فئوي أو مهني أو جهوي، وعدم توظيف هذه العناصر في الدعاية الحزبية». وعلى الرغم من أن وزير الداخلية والجماعات المحلية دافع بقوة عن هذه المادة لدى عرضه مشروع القانون على نواب البرلمان، فإن هيئة «بوعلام بسايح» قالت إن هذا الأمر مناقض للدستور في مادته 48، إلى جانب عرضها تبريرا إضافيا يتعلق بالمادة التاسعة من هذا القانون العضوي والتي تتكفل «بتجسيد الأحكام الدستورية الخاصة بالمحظور على الأحزاب السياسية وعدم مناقضة القيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية وقيم ثورة أول نوفمبر 1954 والخلق الإسلامي والوحدة والسيادة الوطنية واستقلال البلاد وسيادة الشعب وكذا الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة وأمن التراب الوطني وسلامته». إلى جانب ذلك اعترض المجلس الدستوري على ما ورد في «المطة الأولى من المادة 18» للقانون المتعلق بالشروط الواجب توفّرها في الأعضاء المؤسسين للأحزاب، وعليه فإن الحكومة أجرت تعديلا على مصطلح «أصلية» المتصلة بالجنسية، وفي المقابل اعتمدت النص المنشور في الجريدة الرسمية على شرط التمتع بالجنسية الجزائرية فقط، بل تقرّر وضع المجنّسين الأجانب في نفس المستوى مع الجزائريين ذوي الجنسية الأصلية، وقد جاء هذا التعديل وفق إلغاء حكم مماثل تضمنته المادتان 78 و90 قانون الانتخابات. وفي السياق ذاته اعتبر المجلس الدستوري في ختام قراءته لمدى مطابقة أحكام القانون العضوي للدستور أن «تجريد المنتخب من عهدته الانتخابية في حالة حلّ حزبه بقرار قضائي، مناقض لأحكام المادة 107 من الدستور ولفلسفة المادة 10 منه التي تنصّ على لا حدود لتمثيل الشعب إلا ما نص عليه الدستور وقانون الانتخابات»، مضيفا أن «تجريد المنتخبين من عهدتهم لا علاقة له بانتمائهم الحزبي». إلى ذلك تمّ حذف المطة الرابعة من «المادة 73» باعتبارها «غير دستورية» حيث قدّر المجلس الدستوري أن المشرّع بنصه على «تجريد منتخبي الحزب الذي حلّ قضائيا من عهدتهم الانتخابية يكون قد ربط بين حلّ الحزب وتجريد المنتخب من عهدته»، وباستثناء الأحكام المذكورة غير المطابقة جزئيا أو كلّيا فإن الهيئة ذاتها أكدت أن « باقي أحكام القانون العضوي موضوع الإخطار مطابقة للدستور». ودعّمت ذات الهيئة أحكام المادة الخامسة من قانون الأحزاب التي تمنع على قيادات «الفيس» المحظور تأسيس أو المشاركة في تأسيس أحزاب جديدة، وقد أحالت المشرّع إلى ضرورة الإشارة إلى الميثاق من ّأجل السلم والمصالحة بصفته وليس فقط الإجراءات التي تضمنها القانون، لأنه يحتل مرتبة أسمى من القوانين العضوية والعادية بحكم تزكيته من قبل الشعب وتعبير عن إرادته. أما بخصوص القانون العضوي المتعلق بالإعلام فقد اكتفى المجلس الدستوري بإقرار تعديل شكلي على أحكام هذا النص شمل فقط إسقاط المطة 5 من المادة 23، المتضمنة الشروط التي يجب أن تتوفر في المدير مسؤول أية نشرية دورية، وهي تنصّ على «لا يكون قد حكم عليه بعقوبة مخلة بالشرف» حيث أشار إلى أن هذا الشرط يتناقض مع أحكام المادة 44 من الدستور.