تختتم آخر دورة برلمانية في العهدة التشريعية السادسة على وقع قوانين الإصلاحات السياسية التي ستجعل من الانتخابات التشريعية المرتقبة خلال أسابيع معدودة موعدا مصيريا مفتوحا لكل التيارات والأطياف السياسية خاصة وأن تشكيلات سياسية جديدة ستدخل السباق الانتخابي، كما سيكون للعنصر النسوي كلمته في البرلمان المقبل بعد حضور رمزي في المؤسسة التشريعية لما يقارب نصف قرن من الزمن. يغادر نواب الفترة التشريعية السادسة مقاعدهم ومكاتبهم في مبنى زيغود يوسف، بعد دورة خريفية ساخنة، حملت حزمة من قوانين الإصلاحات السياسية لاسيما قوانين الانتخابات والأحزاب السياسية وترقية المشاركة السياسية للمرأة، التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في إطار مشروعه الإصلاحي الذي دشنه بإصلاحات في هياكل الدولة وفي قطاع العدالة والمنظومة التربوية. قوانين الإصلاحات التي صوّت عليها البرلمان بغرفتيه من شأنها نقل البلاد إلى مرحلة جديدة بعد انتخاب برلمان تعددي في ظل انتخابات شفافة وديمقراطية في ظل الضمانات التي جاء بها قانون الانتخابات، برلمان ستكون مهمته الأولى مراجعة الدستور ومراجعة منظومة الحكم في الجزائر بما يعزز دولة القانون والحريات الفردية والجماعية. وأهم ما يميز اختتام الدورة الخريفية التي تعدّ من الناحية الفعلية آخر دورة في العهدة الحالية لأن مهمة النواب تكاد تكون قد انتهت، وأن افتتاحهم للدورة الربيعية، مطلع مارس المقبل لن يتجاوز حدود الرمزية، هو أن عودة النواب الحاليين للتشريع مجددا تحت قبة البرلمان يكاد يكون صعبا أو مستحيلا بالنسبة للكثيرين منهم، بعد التغييرات التي أدخلتها قوانين الإصلاحات السياسية في قواعد اللعبة الديمقراطية، على خلاف السنوات الماضية التي تكون فيها نسبة التجديد محدودة، فكثير من النواب في الماضي يحصون في مسارهم المهني والسياسي أكثر من عهدتين تشريعيتين. ولعلّ أهم ما سيعصف بآمال نواب العهدة التشريعية السادسة في العودة مرة أخرى إلى مبنى زيغود يوسف هو قانون الأحزاب الذي أصبح ساريا منذ أيام والذي حمل قرار فتح الساحة السياسية لعناوين حزبية جديدة تطمح بدورها لحجز مكان لها في البرلمان المقبل، كما كان القانون بمثابة ضربة موجعة لكل المشككين في جدية الإصلاحات السياسية وجدية السلطة ممثلة في أحزاب الائتلاف الحكومي بالقبول بلاعبين جدد في الساحة السياسية، وهو ما يقود إلى القول أن البرلمان المقبل لن يقتصر على الأحزاب التقليدية خاصة بعد تفكك عقد التحالف الرئاسي الذي جمع ولما يقارب 8 سنوات كاملة أحزاب الأفلان والأرندي وحمس، حيث يرجح كثير من المراقبين المهتمين بالشأن السياسي الوطني تأثير نتائج الانتخابات في كل من تونس والمغرب وأخيرا في مصر على الناخب الجزائري الذي قد يتوجه بدوره لخيار التيار الإسلامي. إلى ذلك فإن قانون ترقية مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة سيكون بدوره حجر عثرة في طريق الكثير من المرشحين الذين عهدوا احتكار المراكز الأولى في القوائم الانتخابية ليجدوا أنفسهم في الاستحقاقات المقبلة مجبرين بقوة القانون على التنازل عن بعض هذه المراكز وفتح المجال أمام حضور نسوي في البرلمان المقبل يتجاوز حدود الحضور الرمزي الذي ظلّ لصيقا بالبرلمان الجزائري لما يقارب النصف قرن من الزمن.