ما رأيك في الطاقات الشبابية الموجودة بالتلفزيون الجزائري؟ وهل بإمكانها إعطاؤه نفسا جديدا؟ الأسماء الجديدة استطاعت أن تشقّ طريقها في التلفزيون، وهذا بعد المبادرة التي قامت بها السيدة ليلى لاختيار وجوه جديدة، فمثلا “محسن” في ظرف ثلاث سنوات استطاع أن يفرض نفسه ويتألق في المباشر أو غير المباشر وكذا “ماسين”، لكن يبقى النجاح في الجزائر مشكلة وعائق، فلما نبلغ درجة من النجاح لا نجد ما نفعله ولا نجد برامج ومجالات تسع حجم طموحنا. بحكم تجربتك ما هي خصوصية العمل في كلّ من الصحافة المكتوبة، الإذاعة، والتلفزيون؟ الصّحافة المكتوبة تجعلك تجمع المعلومات لإيصالها للقارئ، أمّا في التلفزيون فالمباشر يجعلك على أهبة الاستعداد لأيّ طارئ ودائم الفطنة للخروج من أيّ موقف دون أن يلاحظ المشاهد شيئا، أما العمل الإذاعي يعتمد على حسن الأداء وحلاوة الصوت الذي من خلاله تشدّ انتباه المستمعين، وتجربتي في الإذاعة أضافت لي الكثير وقد عملت على إنضاجها لأكثر من 9 سنوات في الإذاعة ولما انتقلت للتلفزيون خدمتني هذه التجربة كثيرا، وقد اقترح عليّ مؤخرا العودة للعمل الإذاعي من خلال الإذاعة الجديدة “جيل أف أم” لكن ظروف مرض الوالدة ثمّ وفاتها لم تسمح لي بذلك. في حياتك المهنية صادفتك لحظات نجاح وفي المقابل لحظات فشل، هلا ذكرت لنا بعض الأمثلة التي مازالت راسخة في ذهنك؟ لم يكن أبدا النجاح هو هدفي، فهاجسي الأكبر أن أقدم برامجي على أحسن وجه، و قد قدمت على المباشر برفقة الزميلة أمينة بن عبد ربه وعلى مدار سبع ساعات البرنامج المفتوح “فلسطين في القلب” على إثر الأحداث المأساوية بجنين، و لما أنهيت البرنامج جاءني حمراوي حبيب شوقي وقبّلي على جبيني، فهمت حينها أنّني نجحت في تأدية مهمتي، أمّا فيما يخص لحظات الفشل فقد اخترت لتقديم برنامج “آخر كلمة” وكنت المرشح الوحيد من الجزائر لتقديمه في نسخته بالعربية، واختير جندي نافع لتقديمه بالفرنسية، لكن فيما بعد أخبروني أنّهم اختاروا الزميل نافع الجندي، اعتبرت هذا الموقف و لو بيني و بين نفسي أنّه فشل لأنني طمحت لشيء و لم أحققه، و كان برنامج “اختر سؤالك” كرد اعتبار لنفسي، ثم قدمت بعدها “سهرات المدينة” و”الليلة عيد” عن محطة قسنطينة التي نلنا بها المرتبة الثانية في مهرجان القاهرة الدولي سنة 2003 كأحسن سهرة عربية، قدمت برنامج “أشواق” و ليلة النجوم و مساء الخير و العديد من البرامج، لقد قدمت كلّ ما أحلم به في التلفزيون الجزائري ولن يغريني أي تلفزيون آخر. هل أنت راض عن مسارك المهني؟ وإذا عادت بك عجلة الزمن إلى الوراء ماذا ستحذف من مشوارك؟ لو قلت أنّني راض فقد وقعت شهادة وفاتي، لأنّ الرضا ليس سمة لصيقة بالإعلامي سواء في الإذاعة أو التلفزيون، فالرضا غاية لا تدرك في الإعلام، وإرضاء الجمهور أيضا غاية لا تدرك، فقد أعجب البعض وقد لا أعجب البعض الآخر، لكن الحمد لله كلّهم يبادلونني الاحترام والمحبة، وهذا ما يجعلني راض نسبيا. ولو عدت إلى الوراء لاختصرت الطريق والوقت، فالتلفزيون دخلته متأخرا جدا حيث كنت أستطيع أن أقدم برامج كثيرة، لكن رغم هذا لن أحذف أيّ شيء من مشواري لأنّ كلّ مرحلة في مساري جعلتني أكتشف شخصية إعلامية أتعلم منها وتركت أثرها في شخصي، تعرفت على أناس كثيرين تعلمت ونهلت منهم الكثير. تعرضت لمرض خطير ونادر كيف تعاملت مع هذا المرض في بداياته، وكيف هي حالتك النفسية الآن؟ من الصّعب على أيّ إنسان أن تخبره بأنّه سيموت في ظرف شهور، فهو خبر كالصاعقة و لا يتقبله أيّ مخلوق، لكن المصيبة الأكبر التي أنستني المرض هو وفاة شقيقي التوأم، فأنا مريض و لم يكتشف مرضي بعد، لكن مازلت على قيد الحياة، رغم كلّ شيء حمدت الله، وكان كلّ همي أن لا يعلم والداي بمرضي حتى لا أزيد من معاناتهم، فهذه التضحية للحفاظ على مشاعرهم زادتني قوة وشجاعة، و لما سافرت إلى فرنسا استطاع الأطباء أن يكتشفوا مرضي و حددوا تاريخ وفاتي كأقصى حد في ديسمبر الفارط 2011، نفسيتي كانت محطمة وكنت منهارا جدا، لكن عزائي كان عملي فحين أكون على المباشر أنسى أنّني مريض، والصحافة المكتوبة ببعض جرائدها ظلمتني كثيرا في مرضي فلطالما كنت أقرأ مقالا يكتب عنّي فأصاب بالكآبة وتحطّم نفسيتي إلى درجة أنّني دخلت الإنعاش مرتين في حالة يرثى لها، لكن نفسيتي تحسنت نوعا ما بعدما علم والداي، فبعدما كانت والدتي تشكل عبئا أصبحت هي من تدعمني وترفع من معنوياتي و تخفّف من آلامي، فمهنة الإعلامي تعتمد 90 بالمائة على الجانب النفسي، مؤخرا مررت بمرحلة علاجية جدّ صعبة فهي قاتلة و آلامها لا تحتمل، وما زاد من معاناتي أنّني كنت في الغربة وحيدا بعيدا عن الأهل والأحباب، رغم كلّ شيء أصبح المرض نعمة بعدما كان نقمة حيث اكتشفت محبة الناس الذين كانوا يدعون لي بالشفاء يوميا في صلواتهم وحتى من زاروا بيت الله الحرام كانوا يتذكرونني بالدّعاء، كما اكتشفت أيضا من خلال المرض ذاتي ومدى صبري وطاقتي في تخطي المحن... «شفاك الله وعافاك يا ريان».. وللحكاية تتمّة أخرى