أوردت تقارير صحفية أمس في العاصمة «باماكو» أن رئاسة الجمهورية في مالي قد وافقت رسميا على أن تلعب الجزائر دور الوسيط من أجل حلّ الأزمة المتفاقمة في هذا البلد بسبب حركة التمرّد التي تقودها قبائل «الطوارق» شمال البلاد. وفي المقابل أشارت التقارير ذاتها إلى أن الرئيس «آمادو توماني توري» رفض مقترحا مماثلا من جانب فرنسا. بعد ساعات قليلة من التصريحات التي أطلقها وزير الشؤون الخارجية، «مراد مدلسي»، بخصوص انشغال الجزائر للأزمة التي تعرفها مالي بسبب حركة التمرّد التي تقودها جماعات محسوبة عن «الطوارق» أو «قبائل الأزواد»، وتأكيده أن بلادنا «تضع تحت تصرف الماليين قدرتها في الوساطة، بين الطوارق والحكومة المالية لإيجاد حلّ عادل للأزمة بما يرضي الطرفين»، نقلت تقارير مقرّبة من الرئاسة المالية أنباء عن موافقة الأخيرة على هذه المبادرة. وبحسب ما تداولته وسائل إعلام رسمية في العاصمة «باماكو» أمس فإن الأخيرة لا تمانع في أن تكون الجزائر طرفا وسيطا «لرعاية مفاوضات من دون تمييز بين الحكومة المالية والمتمردين»، وتتزامن هذه التطورات مع حديث عن زيارة قام بها وزير الخارجية الفرنسي، «آلان جوبي»، قبل يومين إلى مالي قادما إليها من «أديس أبابا»، حيث يكون قد أجرى فور وصوله محادثات مع الرئيس «توري» تناولت وساطة تطرحها باريس لربط مفاوضات بين الحكومة وانفصاليي «الأزواد» من أجل وقف القتال بشمال البلاد. وإذا صدقت التقارير التي تداولت هذه التطوّرات فإن السلطات المالية تكون قد اعترضت بشدّة على المبادرة الفرنسية، بل إنها وجّهت انتقادات لاذعة إلى باريس، وأعلنت في الوقت نفسه أن فعاليات من المجتمع المدني نظمت مظاهرات أمام السفارة الفرنسية في «باماكو» تعبيرا منها عن رفضها لطريقة تعاطي حُكم «ساركوزي» مع ملف النزاع الدائر في مالي، وربطت ذلك بأن «باريس استقبلت قبل فترة قادة من الطوارق، بصفة سرية، لترتيب تفاصيل مؤامرة بشمال مالي يسعى من ورائها ساركوزي لإحداث تغيير بمالي على طريقة ما جرى في ليبيا». إلى ذلك كانت الجزائر قد احتضنت مطلع الشهر الجاري لقاء تشاوريا بين وفد عن الحكومة المالية بقيادة الوزير المالي للشؤون الخارجية والتعاون الدولي، «سومايلو بوبيي مايغا»، ووفد عن ما يُعرف ب«التحالف الديمقراطي ل23 ماي من أجل التغيير»، تحت إشراف آلية تسهيل اتفاق الجزائر ل4 جويلية 2006، وهو اللقاء الذي أفضى إلى توقيع تصريح مشترك تضمن إجماعا على ضرورة تغليب الحل الدبلوماسي والسياسي للأزمة بعيدا عن لغة النار والحديد. وفي شأن ذي صلة أكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، «عبد القادر مساهل»، على هامش زيارة وزير خارجية بوركينافاسو إلى الجزائر أمس الأوّل بأن «الجزائر وبوركينافاسو تتفقان في وجهات النظر بخصوص هذه القضية»، وأضاف قائلا: «إن هناك تطابقا مطلقا في وجهات النظر بين الجزائر وبوركينا فاسو حول الانشغالات الكبرى المتعلقة بالأمن في منطقة الساحل والوضع بشمال مالي خاصة». وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإقليمي البوركينابي، «جبريل باسولي»، أكد بدوره أن بلاده «تساند المبادرة الجزائرية لتسوية النزاع بشمال مالي والمتمثلة في المحافظة على الوحدة الترابية وسيادة هذا البلد»، وجاء في تصريح صحفي له عقب المحادثات التي أجراها قبل يومين مع «مساهل»، قوله: «إننا نساند المبادرة الجزائرية وندعو مختلف الأطراف إلى تبني مبادرة الحوار»، وشدّد: «ندعو أيضا الهيئات الإفريقية إلى دعم هذه المبادرة لأننا مقتنعون أننا سنستطيع بكل تأكيد بفضل هذا الدعم المتبادل أن نوفر للماليين الإطار الذي يسمح بحل أزمتهم».