تناول المشاركون في اليوم الثالث من الملتقى الدولي “مولود فرعون مفكر وشهيد.. ورفاقه” مسار وكتابات الأديب من خلال محور“حول المدرسة” لعلاقته بمهنة التدريس التي كانت منفذا له على عالم الكتابة والإبداع. و شكل محور“حول المدرسة” فرصة للمحاضرين لتناول جوانب مثيرة من علاقة الكاتب بالمدرسة “الكولونيالية“.. ناقش المشاركون مرحلة البداية في تاريخ مسار الأديب الحافل مرورا بمهنة لتعليم التي مارسها إلى آخر يوم من عمره حيت اغتيل وهو يؤدي واجبه كمفتش على يد المنظمة المسلحة السرية سنة 1962 رفقة 5 مفتشين آخرين. وقد أبرز المتدخلون وجود علاقة تأثير وتأثر بين الكاتب ابن بيئة ريفية فقيرة متشبثة بالأرض والمدرسة “الأوروبية ” بفعل الاستعمار وذات لغة غربية بالنظر لثقافته الأمازيغية التي ترعرع بها الطفل “فورولو“. هذه العلاقة نابعة حسب بعض الأساتذة من الصراع الداخلي والجدلية التي كان يعيشها الكاتب الذي رغم إصراره على التعلم و اكتساب لغة تمكنه من الانفلات من الواقع المزري المسلط على مواطنه إلا أن الفوارق التي كانت تسود حتى في مجال التعليم بين الأروبيين وبعض المحظوظين من ” الأنديجانة ” كما سماهم المستعمر كانت تذكره بأنه مختلف. و نجد في كتابات فرعون لاحقا أشارات ووصف لهذه الفروقات واعتبر المتدخلون أن رغبة الكتابة عند فرعون قد تكون نابعة من “الكبت” نتيجة تلك الأوضاع والقيود المفروضة على الجزائريين حتى في مسارهم المهني و كانت إذا الكتابة بالنسبة له -كما قالوا-فضح للممارسات الاستعمارية. وقال الأستاذ إيمانويل ساكريست من جامعة تولوز الفرنسية الذي أنجز أطروحة حول مولود فرعون والتاريخ سنة 2009 أن كتاباته هي أيضا تأكيد على وجود ثقافة و هوية خاصة للسكان جسدها من خلال وصفه الدقيق والمفصل للحياة في قريته. قال المحاضر إن فرعون في روايته ” ابن الفقير” قدم خطابا عن المدرسة الاستعمارية التي كانت “تمثل للطفل الجزائري انسلاخي عن وسطه وثقافته ” واعتبر الأستاذ ساكريست أنه من علامات الميز التي تمارسها المدرسة الاستعمارية منع تدريس اللغة العربية كما أن التفرقة تظهر أيضا حسبه على مستوى العاصمة من خلال عدد المتمدرسين حيث نجد 23000 تلميذ أوروبي مقابل 2000 تلميذ مسلم. وواصل قائلا إن هذا التعليم من المستوى الثاني الموفر للجزائريين عرف بعض التطور بعد سنة 1948 لتغير الظرف وأدخلت العربية في بعض المؤسسات لكن بعد اندلاع الثورة تأزمت وضع التعليم وأغلقت وأحرقت مدارس كما اعتقل الكثير من المعلمين المنضمين إلى الثورة التحريرية.