قدّم الرئيس الفرنسي المنتهية عهدته، «نيكولا ساركوزي»، ما يُشبه الاعتذار للحركى من الجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي إبان ثورة التحرير، حيث أقرّ ب«المسؤولية التاريخية» للدولة الفرنسية في «التخلي عنهم». وقال في تصريح استفزازي للجزائر إنه «كان على فرنسا حماية الحركيين لكنها لم تفعل..». اعترف الرئيس الفرنسي، «نيكولا ساركوزي»، رسميا بما أسماه «المسؤولية التاريخية» التي تتحملها فرنسا في «التخلي» عن «الحركى»، وهو الأمر الذي لم يتوان في البوح به خلال خطاب ألقاه أمس الأوّل في «بربينيان»، جنوبفرنسا، في إطار حملته الانتخابية للجولة الأولى للرئاسيات المقرّرة الأحد المقبل بأنه «كان على فرنسا حماية الحركيين لكنها لم تفعل. وفرنسا تتحمل هذه المسؤولية أمام التاريخ». وذهب الرئيس المترشح أبعد من ذلك عندما خاطب مئات «الحركى» الذين تجمهروا لاستقباله قائلا: «هذه هي المسؤولية التي جئت لأعترف بها هنا في “بيربيجنان” باسم الجمهورية الفرنسية»، وفي هذا الكلام إشارة منه إلى «تخلي فرنسا» عن قسم كبير من «الحركى» بعد استرجاع الجزائر سيادتها العام 1962. ثم واصل: «وعلى فرنسا، كما فعلت دائما، النظر إلى تاريخها وتحمل الأخطاء التي اقترفتها، وفي هذا الإطار لا شيء يمكن أن يبرّر أو يعذر لها التخلي عن هؤلاء الذين اختاروا فرنسا». وفي سياق تقديم الاعتذار تعهّد «نيكولا ساركوزي» ب «إقامة نصب تذكاري» في باريس لمن يطلق عليهم اسم «الحركى» والذين تشير التقديرات إلى أن عددهم يبلغ حوالي 200 ألف شخص فيما تذهب معطيات أخرى إلى كون الرقم يصل نصف مليون. ويخوض «ساركوزي» معركة شرسة للفوز بفترة ثانية في انتخابات الرئاسة التي تبدأ في 22 أفريل. وقد جاءت هذه اللفتة بعد خمس سنوات من التزامه في حملته الانتخابية عام 2007 بالاعتراف رسميا في حالة نجاحه بمسؤولية فرنسا عن التخلي عن الحركيين. وليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها «نيكولا ساركوزي» مثل هذه التصريحات الاستفزازية ضد الجزائر، ففي الوقت الذي يرفض فيه الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية في بلادنا لا يتوان في الإقرار بمسؤولية باريس على «التخلي عن الحركى». وقد سبق له أن أعلن في التاسع من شهر مارس الماضي أمام ممثلي هؤلاء «الحركى» ما اعتبره «الظلم» الذي ارتكبته السلطات الفرنسية في حقهم، مضيفا أنه لهؤلاء « دين في رقبة فرنسا». وكان الرئيس «ساركوزي» صرّح قبل أيام من حلول الذكرى الخمسين لتوقيع اتفاقيات «إيفيان» بأن ثورة التحرير التي خاضها الجزائريون ضد فرنسا الاستعمارية «كانت فظيعة»، مشيرا إلى أن «الحركى كانوا من بين الفاعلين في الحرب ولكنهم كانوا ضحايا أيضا لهذه الحقبة من تاريخنا»، وأعلن حينها أنه لا يزال على تعهّداته التي قطعها في 2007 ب «إعادة الاعتبار» للجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي إبان ثورة التحرير، وهو ما قوبل بانتقادات واسعة هنا في الجزائر. وكان منافسه الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية، «فرنسوا هولاند»، قد تعهد من جانبه في السادس من شهر أفريل الجاري الحالي ب «الاعتراف» بمسؤولية فرنسا في «التخلي عن الحركى» إذا تم انتخابه رئيسا للجمهورية. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الشيوخ الفرنسي تبنى في شهر جانفي من هذا العام مشروع قانون يهدف إلى تجريم إهانة «الحركى»، وتمّ إقرار النص بإجماع أعضاء المجلس باستثناء الشيوعيين الذين لم يحضروا التصويت.