اعترف الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لأول مرة منذ اعتلائه سدة الحكم، بالمسؤولية التاريخية لفرنسا في تخليها عن الحركى، وأعلن هذا الاعتراف السبت المنقضي، في قاعة صغيرة بمقاطعة بربينيان، أي قبل ثمانية أيام عن الجولة الأولى للرئاسيات الفرنسية. وقال الرئيس الفرنسي المرشح للرئاسيات للمرة الثانية "كان على فرنسا حماية الحركى من التاريخ، لكنها لم تفعل ذلك، إنها هذه المسؤولية التي أتيت لأعترف بها"، لكنه في المقابل لم يغير لهجته بخصوص الملف التاريخي بين بلاده والجزائر، فمباشرة بعد اعتلائه منصة تجمع شعبي في بلدية بومباس القريبة من بربينيان، جدد موقفه من مسألة "التوبة"، مصرحا أمام 500 مناضل من حزبه "التوبة تعني الاعتذار، هنا أردت القول أن فرنسا لها دين أخلاقي"، في إشارة منه إلى تخليها عن الحركى عشية استقلال الجزائر وسكوتها عن عمليات التقتيل التي تعرضوا لها. وكان الرئيس الفرنسي قد وضع باقة زهور في معسكر اقتيد إليه عشرات الآلاف من الحركى في إحدى البلديات المحاذية، في الفترة الممتدة بين 1962 و1970 لأساب متعددة، أغلبها كانت أمنية، وقد رفضت حينها الحكومة الفرنسية إدماجهم في المجتمع الفرنسي. وبإقدامه على هذه الخطوة، يكون ساركوزي قد وفى بوعده الانتخابي الذي قطعه على الحركى، وهو في حملته الانتخابية الأولى قبل خمس سنوات، لكنه يبقى مجرد اعتراف "شفهي انتخابي" في عز الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية المزمع تنظيمها في ماي الداخل، لأن الاعتراف الذي يريده الحركى من فرنسا إلى جانب "الاعتراف المعنوي أو الرمزي" يجب أن يترجم - حسبهم - على شكل إجراءات تتخذها الحكومة الفرنسية في صيغة حقوق يستفيدون منها هم وأبناؤهم، كما سبق أن طالب به العديد من الجمعيات والمنظمات الممثلة لهذه الفئة. وفور إدلاء الرئيس الفرنسي بهذا الاعتراف التاريخي، انقسمت ردود فعل التنظيمات الممثلة للحركى في فرنسا، بين من تقبلت هذا الاعتراف بتحفظ، وبين من رفضته واعتبرته كذبة انتخابية ثانية يريد بها ساركوزي كسب أصوات الحركى والأقدام السوداء، للوصول مرة أخرى إلى قصر الإليزيه، على خلفية أنه لم يف بالوعود التي كان قد قدمها لهم سنة 2007، وبسبب تراجع الحكومة الفرنسية عن تحقيق الكثير من مطالبهم، خاصة في سنة 2010 التي تحجج فيها ساركوزي بعدم قدرة فرنسا على تطبيقها بسبب تأثرها بالأزمة الاقتصادية العالمية.