تترك التصريحات التي يُطلقها قادة تكتل «الجزائر الخضراء» الانطباع بأن الأمور تسير على ما يرام بخصوص الخيارات التي يتوجب تبنيها في الفترة المقبلة، لكن الواقع يُثبت بأن هناك الكثير من العراقيل التي تعترض تفعيل هذا «التحالف الإسلامي» ميدانيا، وتبرز الانتخابات المحلية المقبلة أوّل عقبة لأن تيارا قويا داخل «حمس» يرفض تكرار تجربة القوائم الموحدة مستقبلا. لا يختلف قادة تكتل «الجزائر الخضراء» على مبدأ الاستمرار في هذه التجربة مع إمكانية توسيعها إلى أحزاب أخرى تنتمي إلى التيار نفسه، لكن على ما يبدو فإن التجربة التي مرّ بها التحالف الرئاسي في السنوات الماضية قد تعيد نفسها مع هذا الائتلاف الجديد الذي تأسس في 7 مارس الماضي تحسبا للتشريعيات الأخيرة، لأن التحالفين يتقاطعان في مسألة أنهما يفتقدان إلى التجاوب والامتداد الفعلي على المستوى القاعدي واقتصاره فقط على القمة. وعلى هذا الأساس يرى قادة التكتل ضرورة «تطويره آليات عمله» من دون الكشف عن المقاصد من هذا التعبير، ومن المتوقع أن تكشف الانتخابات المحلية مزيدا من المستجدات بشأن مصيره خاصة وأن وجوها قيادية في حركة مجتمع السلم تعارض تماما خيار الدخول بقوائم مشتركة في موعد الخريف المقبل وفق ما يأمله الشريكان الآخران وهما حركتا النهضة والإصلاح الوطني. ولذلك يتلخّص تصوّر الأمين العام لحركة النهضة، الدكتور «فاتح ربيعي»، على وجوب «استمرار تكتل الجزائر الخضراء»، مستندا في ذلك على قرار مجالس شورى الأحزاب الثلاثة ب «إعطاء الإذن لتفعيله وتطويره حتى يكون أكثر قدرة على التجاوب مع متطلبات الساحة السياسية»، وهو على قناعة بأن التكتل «يتعرض في الوقت الحالي إلى محاولات تكسير، كونه أقلق بعض الجهات التي لا تريد أحزابا قوية على الساحة السياسية». ويعترف «ربيعي» بأن الشركاء الثلاثة لم يحسموا بعد في أمر طريقة المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة بقوله: «لم يتم بعد اتخاذ قرار المشاركة من عدمه، سواء في حزبه أو على مستوى التكتل»، مشيرا في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الجزائرية إلى أنه «في حالة دخول هذا الاستحقاق فإن ذلك سيتم في إطار التكتل». كما أبرز أن صيغة المشاركة في الانتخابات المقبلة «أمر تحدده هياكل التكتل بعد الدراسة المستفيضة«»، ملحّا على ضرورة أن تجري الانتخابات المحلية المقبلة «في كنف النزاهة من خلال الاستفادة من الإخفاقات الأخيرة وتصحيحها»، وبرأي المتحدث فإن السبيل لتحقيق ذلك هو «مراجعة قانون الانتخابات وضمان حياد الإدارة وإقامة حكومة وحدة وطنية تقنوقراطية تسير المرحلة الانتقالية وتشرف على الانتخابات وتعديل الدستور». وأظهر الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، «حملاوي عكوشي»، الموقف ذاته كونه تمسك ببقاء تكتل «الجزائر الخضراء» الذي قال إنه مستمر، وذهب إلى حدّ وصفه ب «المكسب الكبير» الذي تحقق خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، ووفق تصوّره فإنه من غير المستبعد توسيع هذا التحالف إلى تشكيلات سياسية أخرى من التيار الإسلامي، وقد لاحظ أن مراجعة آليات عمل التكتل «أمر مهم يرمي إلى الاستفادة من نقائص تجربة الانتخابات التشريعية من جهة وكذا مسايرة المستجدات التي تعرفها الساحة السياسية الوطنية». ولم يتوان «عكوشي» في الإعلان بأن حركة الإصلاح ستدخل هذا الاستحقاق بقائمة واحدة في إطار تكتل الجزائر الخضراء إذا ما تقررت المشاركة في هذا الموعد، وقد ربط المشاركة في هذه الانتخابات ب «الضمانات التي ينتظر أن تقدمها السلطة لتكون الانتخابات نزيهة وشفافة». ولتحقيق هذا الهدف دعا إلى «دمج كل من اللجنة الوطنية التي ستشرف على مراقبة هذه الانتخابات والقضاء في هيئة واحدة«، مشترطا أن »يقتصر عمل الدولة على دورها الإداري فقط». أما مسؤول التنظيم في حركة مجتمع السلم، ورئيس الكتلة البرلمانية لتكتل «الجزائر الخضراء» بالمجلس الشعبي الوطني، الدكتور «نعمان لعور»، فقد دافع عن استمرار هذا التكتل في الحياة السياسية الوطنية بشرط «إدخال تعديلات على آليات عمله»، وأوضح أن المراجعة تشمل عددا من الجوانب من بينها «كيفية دخول الانتخابات المحلية سواء بقائمة موحدة أو ترك الأمر للولايات لتحديد قوائمها». زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print