فشلت القوات الفرنسية في حسم المعركة التي بدأتها الجمعة لاستعادة السيطرة على مدينة «كونا» الإستراتيجية، وسط مالي، حيث أجبرتها المعطيات الميدانية على جلب تعزيزات إضافية من خلال الاستنجاد بقوات قادمة من ساحل العاج والتشاد، وهو فشل أقرّ به وزير الدفاع الفرنسي بعد أن أكد صعوبة ردّ المسلحين رغم أن حركة «أنصار الدين» أعلنت مقتل قيادي بارز على يد القوات المالية المدعومة من باريس. واصلت الطائرات الفرنسية أمس قصف مواقع الجماعات المسلحة في مالي لليوم الثالث على التوالي، حيث تسرّبت معلومات عن مقتل مسؤول كبير في جماعة «أنصار الدين» مع توجه قوات إفريقية إلى البلاد، وقد أعلن وزير الدفاع الفرنسي، «جان-ايف لودريان»، بأن «الضربات الجوية الفرنسية على مواقع المجموعات المسلحة الإسلامية في مالي مستمرة»، معترفا بأن «هناك غارات باستمرار، ويجري شن غارة في هذا الوقت، كما شنت غارات ليلا وسيكون هناك غارات غدا (اليوم)». وأضاف الوزير بأنه أنه «لم يتم بالكامل وقف» تقدم المجموعات المسلحة، وتابع: «تدخلنا جار وسيستمر من أجل دفعهم على الانسحاب وإفساح المجال أمام القوات المالية والإفريقية للتقدم واستعادة السيادة على أراضي البلاد». ويتوقع أن تصل طلائع القوات التي وعدت الدول الإفريقية بإرسالها إلى مالي للانضمام إلى الحملة العسكرية، حيث تعهدت كل من بوركينا فاسو والنيجر والسنغال بإرسال 500 جندي لكل منها في إطار قوة التدخل الإفريقية. وعن التطورات الميدانية كشف مصدر أمني لوكالة «فرانس بريس» بأن «أحد كبار المسؤولين في جماعة أنصار الدين قتل في المعارك التي جرت من أجل استعادة بلدة كونا بوسط البلاد من أيدي المتمردين»، موضحا أن «المقاتلين الإسلاميين تعرضوا لنكسة حقيقية مع مقتل عبد الكريم المعروف باسم كوجاك»، ليضيف: «هذا المسؤول الكبير في جماعة أنصار الدين قتل في المعارك التي جرت الجمعة والسبت بين الجيش المالي والإسلاميين في كونا بوسط مالي». وفي غضون ذلك أشارت بعض المعطيات إلى أن هذه المواجهات أوقعت 11 قتيلا و60 جريحا في صفوف الجيش المالي، بحسب الرئيس المالي بالنيابة، «ديونكوندا تراوري»، فيما قتل ضابط فرنسي قائد مروحية أيضا. وفي المقابل لم تصدر أية حصيلة عن حجم الخسائر في صفوف الجماعات المسلحة لكن الجيش المالي تحدّث عن مقتل نحو 100 متمرّد في معارك «كونا». وعلى صعيد متصل، أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، نقلا عن سكان محليين، أن مدنيين قتلوا في المعارك الدائرة في مدينة «كونا» وقالت «كورين دوفكا»، المسؤولة في هذه المنظمة غير الحكومية إن «سكانا من كونا أخبروني أن عشرة مدنيين قتلوا خلال المعارك، بينهم ثلاثة أطفال غرقوا أثناء محاولتهم اجتياز نهر النيجر بحثا عن الأمان». وفي سياق هذه التطوّرات وصلت قوات فرنسية قادمة أمس من «كوت ديفوار» والتشاد إلى العاصمة «باماكو» في إطار التعزيزات التي أمرت باريس بإرسالها إلى مالي في إطار عمليتها العسكرية لمؤازرة القوات الحكومية ضد المسلحين الذين يسيطرون على شمال هذا البلد، وقال مسؤول في الجيش المالي «لقد استقبلنا بعد ظهر السبت جنودا فرنسيين أتوا من ساحل العاج وتشاد». وأشار المسؤول في تصريحات نقلتها وكالة «فرانس بريس» إلى أنه ينتظر وصول جنود فرنسيين آخرين من دون أن يحدد موعد وصولهم، رافضا تحديد حجم التعزيزات الفرنسية التي وصلت، كما لم يرد توضيح طبيعة المهام التي ستتولاها أو الأماكن التي ستنتشر فيها. وقد بثّ التلفزيون المالي الرسمي مساء السبت صورا لوصول الجنود الفرنسيين، وكان في انتظارهم في مطار «باماكو» العسكري عدد من القيادات العسكرية المالية. وعلى المستوى الدبلوماسي تعقد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «إيكواس» التي ستشكل قوة تدخل في مالي، قمة الأربعاء المقبل في «أبيدجان» مثلما أعلن ناطق باسمها أمس في «لاغوس»، وأفاد «ساني أوغو» بأن هذه القمة «استثنائية» وأنها «ستخصص فقط لمالي»، كما سيلتقي رؤساء الأركان في المنطقة في الأيام المقبلة من دون أن يدلي المتحدث بتوضيحات إضافية في هذا الصدد.