بقلم: محمد الهجابي/ المغرب سينتهي هذا الفجُّ عند عطفةِ المنحدر، لا محالةَ. فوق رُبول وهاده تجثو رعشاتٌ، هي ما تبقّى من طعم كأس الثمالة وثفالها ليوم البارحة. ربّما تصيرُ أنساغُ أديمه، الساعةَ، أوجارَ ثعابينْ، ولربمّا تصيرُ سَخْتيان لحجْب العورة، ليسَ غيْر. ولقد كانت محلّ بسطاتِ أعشابٍ للزّينة، ولم تعدْ. آهٍ، كم سيظلّ هذا العمر قصيراً دون وجيب؟ زجاجُ مراياك لا يزال من غير براويز، ولا أقنعة تستر التماعاته المَحِلة. ولا خارجَ _ المجالِ له، ولا مضمار. منْ يمسح نُواس العكاشات عنه، وهذا السخام؟ زجاجٌ بلا لونٍ، ولا طيفٍ في الوِزان، ولا في الخلف أو الأمام. كما العاهراتُ اللائي استغرَقْننا، لكمْ مرّة، بلا مساحيق. وارتشَفْنَنا بالتّتابع، ثمّ رُحن يَعدُدنَ العدّة للرشفات الباقيات. وهذا الصفّ طويلٌ، طويلْ. سينتهي هذا الفجُّ قبل أن يطرفَ منكَ جفنُ الانتظار. سيظلّ شتاتُك يشكو من البوح المصمت لعناصره الأولى المفتقدة. ولنْ يرحمَ ضعفَكَ هذا البوحُ، مع ذلك. لنْ يرحمهُ سوى انطفاؤُك. قدرُ جذعك أن يتمسّكَ بجذورٍ انغمرت في ضباب. وصبرُك، الآن، يضطجعُ عند التخوم؛ التخومُ بالضبط. انطفاؤك ذهابٌ للأثرِ، أو محضَ سرابٍ يستحيلْ. وأنتَ تختزلُ المسافات، وتختزلُك بالقدرِ نفسه، وبالصوابِ نفسه. لعلّ فسالة الجسدِ، بعد وقتٍ، تذروها أيادي الأقاليم الأربعة منكَ. ولعلّك تستريح. آنَ لك أن تستريح، بلا نُذرٍ، ومن غير فزاعاتٍ تقضّ غفوتك المديدةِ، في الّلاحقِ. حاجتُك إلى تطويعٍ للغياب، حتّى يكون سلساً. ولنْ يشكو شتاتُك، بعدَه، منْ بوحٍ مرتقبٍ، وفاضحٍ. لا شيء حقاً سوى العماء. لا سجافةَ تستوحمها. لا شيءَ إلاّ هذا الجوف الديماسي. ستكونُ بالقوّة من جديدٍ. ستكونُ قابلاً لهيئاتٍ بلا حصرٍ، تماماً مثلما كنتَ من قبل؛ وكنتَ نقطةً، وكنتَ حرفاً بين التشكّل واللاتشكّل، وكنتَ كلمةًً لمْ تستوفِ تكوينَها الأورفيوسي بعدُ. هَبْ أنّك الحاضرُ إلى حينْ. هَبْ أنّ عقربَا هِنْوك غفلا عنك تماماً، ولمْ تشذْ عنْ سيرةِ جنينْ، كان في سبيله إلى التخلّق، كانْ. ثمّ هَبْ أنّ الصرخةَ، هي صرختُكَ لا مشاحةَ، دوّت في العنانِ، دون سابق إشعارٍ معقولٍ، ثمّ هوَت على عجلٍ عند الذروة، كما سقْط المتاع، بعد توالي سنينْ، فلا شيءَ غير هذا الجوف الديماسي يكون سبيلاً لكَ نحو الانسحابْ. يا صاحبي، بئْسَه كتاباً من العمرِ هوَ، بئْسَ صفحاتٍ رُقمت بالنيابة،